تاء التأنيث تهزم واو (الجماعة)!!
بالرغم من الخلافات والاختلافات الايدلوجية العميقة بين القوى والاحزاب السياسية التي حملت نوابها الى البرلمان، الا انها جميعا ومجتمعة منحت ثقتها لحكومة الاستاذ سمير الرفاعي، بل أن الخلافات وهذه الاختلافات بين اليساريين واليمينيين وبين الشيوعيين والماويين وبين الراديكاليين والمعتدلين وبين معسكري الممانعة والقبول، فقد صوتوا كرجل واحد للثقة بدولة الرئيس وطاقمه الحكومي، واشهد هنا ان محاولات الحكومة لجعل الثقة مقنعة ومقبولة بالنسبة للاردنيين او لسواهم من الشعوب الا ان هذه المحاولات فشلت حتى ان الاشاعات المغرضة ذهبت الى الزعم بأن احد نواب الرئيس دعا ثلاثة من اعضاء البرلمان الى وجبة عشاء في احد المطاعم التي يصعب على الاردنيين لفظ او حفظ اسمائها في محاولة لاقناعهم بحجب الثقة الا ان هؤلاء الاعضاء تناولوا العشاء المميز واعطوا نائب رئيس الوزراء وعدا بالاستجابة لطلبه وعندما جرى التصويت كانت المفاجأة انهم نسوا العشاء ونسوا وعدهم ومنحوا الحكومة الثقة، كما ان هذه الحكومة من خلال الاغراء والتهديد لم تحقق أي نجاح في جعل الحاجبين يصلون الى العدد عشرة او خمسة عشر حاجبا (والعين لا تعلو على الحاجب)، ويبدو ان الحكومة التي افقدتها الثقة توازنها تشعر الان ان ما نالته لم يكن امرا مفيدا لها، واقترح هنا ان تعود الحكومة وتطرح على مجلس النواب مرة اخرى موضوع الثقة فيها حتى لو بدا الامر مستهجنا، فمثل هذا الاستهجان يظل اخف ضررا عليها مما حدث وسيحدث في مقبل الايام والشهور!!
من المسائل الاخرى التي تستحق الوقوف معها وان ليس بصورة هامشية تصويت اربع سيدات بحجب الثقة مع تصويت مائة واحد عشر رجلا بمنحها يطرح تساؤلات كثيرة ويؤشر على ايجابيات لا تحصى، مع معرفتنا الحقيقية بأن كل اعضاء مجلس النواب الحالي بالكاد يمثلون خمس الاردنيين وهذه المسألة بالذات كانت موضع تعليقات ساخرة فقد ذهب البعض الى ترديد قول احدى السيدات (انها نست شاربيها في البيت) وهو قول خبيث وذكي وربما كان معبرا عن حقيقة مفجعة وهذه السيدات انسجمن مع انفسهن ومع كلماتهن في مناقشة الثقة، بينما هناك نواب كثيرون استمع اليهم المواطنون في خطاباتهم النارية فاعتقدوا ان دولة الرئيس بالكاد سينال ثقة مميزة او عادية من هذا المجلس باعضائه الراديكاليين، وعندما صوتوا منح بعضهم ثقة واحدة ومنح بعضهم ثقة ونصف ومنح اخرون مليون ثقة حتى ان الرقم (111) لا يعبر عن الرقم الحقيقي للثقة الذي تجاوز مليونين اخرون اقترحوا ان يعدل قانون الانتخاب بحيث تخصص الكوتا للرجال وليس للنساء، بل ان تعليقا لئيما ذهب الى الدعوة لوأد المواليد الذكور بدل طبيعة الوأد القديم بذبح المواليد الاناث خشية الفقر او التسبب بالعار!!
آخرون حكوميون يطالبون بالغاء كوتا النساء لأن هذه النساء لا يؤتمن لهن جانب، حيث ان كونهن جدات وامهات واخوات رقيقات يدفع بهن الى عشق المواطنين بدل التوله بالحكومة، رغم ان جديتهن ورجولتهن- واعتذر عن وصفهن هكذا- دفع بهن الى الخروج عن الاجماع الذي تحقق تحت قبة البرلمان ومجلس الشعب، احد الزملاء الاعلاميين الادباء كتب في صحيفة الحائط التي ترأس زوجته تحريرها مقالة تحت عنوان (نون النسوة تعري واو الجماعة) ولا ادري ماذا كان يقصد بالجماعة، وهل هم جماعة الحكومة ام جماعة الشعب؟!
دمج السلطة التشريعية بالسلطة التنفيذية انجاز اردني مسبوق، ففي كل الدول غير الديموقراطية يتحقق هذا الدمج، فيصير صعبا علينا معرفة من يراقب من؟ ومن يشارك في حمل العبء الوطني مع من؟ وكيف تسعى السلطة التشريعية والتنفيذية معا ومن خندق واحد لمنع أي كاتب او مواطن من تجاوز الخط الاحمر، حتى اشارات المرور في الشوارع البلدية ستأخذ هذا اللون فيتوقف الناس امام هذه الاشارات منتظرين وصامتين ومستسلمين تمر من امامهم سيارات الحكومة فقط بينما ينشغل شرطي السير بفحص رخص السيارة ورخص القيادة موجها اتهامه لكل المواطنين بعرقلة السير وعرقلة المسيرة التنموية، فقد بدأ بعض النواب حملتهم على الاعلام الاهلي وسرعان ما استفزت الحكومة السنتها واطلقت تهديداتها تحت شعار معلن هو حماية حرية التعبير وشعار غير معلن وممارس يقوم على منع الناس من التوقف عن التسبيح للحكومة بسبحة يبلغ عددها 111 حبة وليس 33 او 66 او 99 حبة، فتحت حجة ان الاعلاميين يتدخلون في الشؤون الداخلية لاعضاء مجلس النواب ترتفع الاصوات التي تكره الحرية وتكره حتى الدستور الاردني والمواثيق الدولية على ضرورة عدم التعرض لهم بخنقهم، والاعلاميون لا يتدخلون في شؤون بيوت النواب واسرهم، ولا يهمهم ان يضرب احدهم زوجته او يشتم ويعاقب ابناءه او بناته، وغير معنيين بما ينتج من خلافات اذا طلبت هذه الزوجة رزا امريكيا فحمل لها زوجها رزا مصريا او تايلنديا فهذه هي شؤونهم الداخلية المقدسة التي لا يتوقف اعلامي واحد عندها، وفي العمل العام فإن شاغله بكل تفاصيل مواقفه وممارساته واقواله مادة مبسوطة امام الاعلام وليس من حق احد ان يمنع احدا من الحديث فيها وعنها، باللغة المؤدبة التي تجنب بعض النواب استخدامها في تعاملهم الديموقراطي تحت قبة البرلمان وامام اعضائه الذين يوصفون بحكم العادة بالنواب المحترمين، ولان الكلمة توصف بانها المقدمة الاولى للديموقراطية فان اية محاولة لجعل الهراوة هذه المقدمة ستعود على المحاولين باللعنة والازدراء والادخال من بوابة القمع والقهر والانحطاط.
ليس منصفا ان يتعرض مجلس النواب لكل هذه الحملة في شهره الاول ولكن اعضاءه هم من استدرجوا عطاء الحملة عليهم تحت حجج ومزاعم لا يقوم واحد منها على منطق ومن المؤكد ان ناشر موقع ويكيلكس يحمد الله ويشكره على انه ليس اردنيا والا تم فرمه وشرب دمه وتحويل عظامه الى مكاحل ووضع لحمه في سيخ شاورما!!
