أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في JO1R FORUM | منتديات شباب و صبايا الأردن، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

نتائج البحث عن ردود العضو : حنفاء | الصفحة 2

نتائج البحث عن ردود العضو : حنفاء



نتائج البحث عن ردود العضو :حنفاء
عدد النتائج (57) نتيجة
10-11-2013 09:58 صباحاً
icon العلاقة الوثيقة بين الجسم والروح 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ♠الْمَواضِيْع العْامٍـه ♠
 
أنا آتي الى هنا لأعطيها فنجانا من الشاي حتى تسمح لي بالعبادة" أردف السيد الحداد قائلا مرة أخرى: "سيدي كلامي هو لماذا تجلس في المقهى؟ وأنت في الجواب تقص عليّ قصة شرب الشاي". وأخيرا يقول له السيد الحداد: "أرجوك ان لا تأتي الى هنا مرة أخرى وأنا سأتكلف بإحضار الشاي لك ما احتجت إليه، ولا أريد سوى أن أعرف أية ساعة من اليوم تحتاج فيها إلى الشاي." فيجيب السيد القاضي: "حسنا شرب الشاي صار بعهدتك." وبعد ذلك يبدأ السيد الحداد بتقديم الشاي للسيد القاضي في الأوقات المتعاقبة وكانت بركة هذا اللقاء وتقديم الشاي سببا لتحوّل هذا الحداد البسيط إلى عارف عظيم باسم السيد هاشم الحداد.

نحن في بعض الاحيان نود الحصول على قوة ذهنية أكثر توقدّا، وفي البعض الآخر نود الحصول على صفاء باطن أكثر نورانية، بيد أنه يلزم العلم بأن هذه الامور لاتأتي بالبقاء في المنزل والقيام من مكان والجلوس في مكان آخر.

نحن في تسلقنا هذا تنشرح صدورنا ونتمتع بمشاعر و عواطف أفضل، ثم اذا قرأنا دعاء العهد مثلا سيُضفي هذا الدعاء نورانية خاصة لهذه الرياضه. وهذه من المصادفات اللطيفة التي لا تتفق دائمآ.


ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت


نحن الآن في نهاية شهر صفر وعلى أعتاب مصائب الرسول الاكرم محمد (ص). ولعل أحد أسباب نحوسة صفر هو أن النبي محمد (ص) قد توفي فيه. لذلك تشتد الارض على أهلها فيه. ويشتد الزمان على أهله فيه. إذ قد حلت فيه مثل هذه المصيبة العظمى. كانت محبوبية النبي محمد (ص) بحد تجعل أهل البيت (ع) يفدونه بأرواحهم. فكلّ عزائنا ومصابنا وبكائنا على الإمام الحسين (ع) لأنه سبط رسول الله (ص) والسالك مسلكه. فالإمام الحسين (ع) حصيلة تربية الرسول الاكرم (ص) وحتى عظمة الامام علي بن أبي طالب (ع) ومن يكون حساب الناس يوم القيامة على يديه لم تكن إلا بتربية ورعاية النبي الأكرم. فعدم بكائنا على رسول الله (ص) بمقدار بكائنا على الأمام الحسين (ع) بسبب أن محبة الرسول الاكرم (ص) والشغف به أصعب بكثير من محبة الامام الحسين (ع). فبسهولة يمكننا حب الامام الحسين والشغف به، لأن المصائب التي تجرعها الإمام الحسين (ع) فتحت طريقه إلى قلوبنا فنفذ فيها بكل بساطة. فمن كان حزنه على الامام الحسين (ع) في محرم بالشكل المطلوب وبدأ بالمقدمة 10 ايام للوصول إلى يوم عاشوراء، ثم بعد ذلك بقي على لباس الحزن وحالته 40 يوما حتى الوصول للأربعين، عندها سيتأهل للدخول في العشرة الاخيرة من صفر وهي أيام مصائب النبي محمد (ص). مصيبة رسول الله (ص) عظيمة جدّا ونحن أساسا نجعل عزاء محرم وأوائل صفر مقدمة لنهايته. فالآلام والرزايا التي تجرعها النبي محمد (ص) تفوق ما تحمله الامام الحسين (ع). فإحدى هذه الآلام اتي تجرعها أبو عبد الله الحسين (ع) هي عندما جلس الشمر اللعين على صدره ليحتزّ رأسه فقال له الإمام الحسين (ع): أتعلم من أنا؟ قال له اللعين: نعم، أنت ابن رسول الله (ص). أنت ابن فاطمة الزهراء (س) أعلم أن قاتلك لا جزاء له الّا النار... قال كل ذلك لكي يُسكت ابا عبد الله". فتبسّم الإمام الحسين (ع) عنىما علم بأن لا غبار على هذه الحقيقة. فآخر وضعية للإمام الحسين (ع) كانت طبع الإبتسامه على فمه المبارك ثم استسلم للشهادة. فقد تحمل الإمام الحسين (ع) المصائب في أوج الشفافية والوضوح. بيد أن رسول الاكرم (ص) قد تحمل كثيرا من المصائب لكنها كانت في أوج الإبهام والغموض. فلم يكن بإمكانه فضح المنافقين الذين كانوا يحيطونه فضلا عن جهادهم والوقوف أمامهم. نقل عن النبي (ص) أنه قال: "ما اُوذي أحد بمثل ما اُوذيت." و في رواية أخرى: "ما اُوذي نبيّ بمثل ما اُوذيت." ففي الحقيقه إن رسول الله (ص) أعظم مظلوم في التاريخ. لكننا نترك الكلام عن مظلوميته حفظا لكرامته. فالأذايا والرزايا التي تحملها في شعب أبي طالب أدّت إلى فقدان أعز انسان عنده و هي زوجته خديجة. سُكبت عليه أحشاء الإبل، رُميت جبهته المباركة بالحجارة وقد سحب يوما أحد الاشخاص عباءته المباركة من على كتفه فتركت على رقبته خطا أحمر، و هذه و أمثالها كلها كانت مصائب إبتدائية. أما المصائب العظيمة التي لم يكن بإمكانه إظهارها فهي ما كان يتجرعه من المنافقين في المدينة.


الرسول في كل زمان حيّا وبأعلى مراتب الحياة


ليس للزمان مفهوم عند رسول الله. بعض الخطباء يقول عند قراءته للمصيبة: لله درّ رسول الله (ص) لقد رحل عن الدنيا ولم يشاهد هذه المصيبة بعينه. ولم يعلموا بأن رسول الله حتى في موته يتمتع بأعلى مراتب الحياة. ماذا يعني هذا الكلام؟ إفترضوا أن أبا عبد الله الحسين (ع) يقتل أمام عيني النبي (ص). يقال بأن النبي (ص) لم يكن يرى الإمام الحسين (ع) إلا وتجفّ الابتسامة على شفتيه وتمتلئ عيناه بالدموع. ليس للزمان معنى عند رسول الله. فقد رأى كل شيء بعينيه. تصوروا نحن الان مسرورون ولاعلم لنا بما سيحدث في المستقبل من رزايا وبلايا. بيد أن كل ماجرى على الامام الحسين (ع) كان أمام عين رسول الله (ص). فكان يُخبَر ويُخبِّر. فالآلام التي تجرعها النبي (ص) أكثر حتى من الآلام التي تجرعتها الزهراء (س).


يتبع إن شاء الله ...

03-11-2013 08:45 صباحاً
icon رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
لاتؤدي مشاكل الحياة بكم إلى الشك في الاختيار

لا يمكن لأي أحد أن يقف أمام الامتحان، ولتعلموا بأن المشاكل مهما كانت مما تساعد على رشدكم ونموكم. نأمل من الله أن تكون مشاكلنا هكذا، ومن المشاكل التي تحلّ بسهولة. لا يمكن لأي إنسان أن تخلو حياته من المشاكل، حتى أولياء الله المقربين. فكم هو خيال ساذج أن يتصور المرء أن بإمكانه أن يعيش حياة خالية من المشاكل، فهذا مما لا يمكن أبدا، المهم أن نعرف كيف نتعامل معها لا غير.
أول ضرر يصيبنا من المشاكل هو التشكيك في الاختيار. فعلينا اجتياز هذه المرحلة من غير أن نقع طعمة للشكوك والترديد، وإلا ستتضاعف علينا المشاكل فضلا عن عدم إمكان حلها بسهولة.
عندما يجري الإمام الخميني رضوان الله عليه عقدا لزوجين شابين، ويطلبان منه النصيحة بعد العقد يقول لهما الإمام: "إذهبوا وانسجموا فيما بينكم"، كان يقول هذا الكلام للجميع. أحد أصدقائي في الحرب المفروضة وقد كان من معلولي الحرب حيث قدم رجليه الإثنين في الجبهة، قال عندما كنا في خدمة الإمام الخميني ليجري لنا خطبة العقد، نصحنا الإمام بنفس هذه النصيحة قائلا: "إذهبوا وانسجموا فيما بينكم"، استصغرنا هذه النصيحة وكنا نرغب بنصيحة أكثر أهمية من هذه. لذلك كررنا عليه الطلب وقلنا له: لو كانت عندكم نصيحة أخرى فتفضلوا بها. فأجاب ثانية: "إذهبوا وانسجموا فيما بينكم"
هذه النصيحة يقدمها الإمام للجميع دائما ولا يضيف عليها شيئا آخر. وهي تمثل في الواقع أصلا جميلا جدا في الحياة المشتركة. فـ "انسجموا فيما بينكم" تعني المرونة والتعاطي المستمر فيما بينكم. وهذه النصيحة تعد من الاصول المهمة التي لابد للزوجين من مراعاتها دائما. من أين ينشأ عدم الانسجام فيما بيننا؟ ينشأ من الأنانية، فالأنانية هي التي جاءت كل الأديان الإلهية لإزالتها. ويتمنى كل العرفاء التخلص منها و من تبعاتها. ففلسفة جميع مشاكل البشر وامتحاناتهم في الحياة، هو تضعيف الأنانية، حتى الصلاة شرعت لتضعيفها و... ضعف الأنانية في وجود المرء، يساعده على الترقي في درجات الكمال العالية بشكل أفضل و أسهل.
خلاصة القول هو: "على كل من بدأ حياته المشتركة، بعد إجراء العقد وبعد أن تعرف على زوجته في أحضان التقدير الإلهي، إغلاق عينيه على هذا الاختيار وليعلم أن سعيه لاختيار زوجته، ليس إلا رفع الستار عن التقدير الإلهي السري. فما عليه إلا قبول هذا التقدير الإلهي وعدم الترديد فيه.

الرجل السيئ؛ المرأة السيئة

كما قلنا سابقا، لا يحق للزوجين أن يسمحوا لهذه الأفكار أن تتجه إلى أذهانهم وهي: هل إقدامي هذا صحيح أم لا؟ أو هل من الصحيح أن أصرف عمري كله مع هذا لا غير؟
الرجل السيئ هو الذي عندما تحصل له مكانة في المجتمع ويصبح له مريدون ومؤيدون، يستغل هذا الظرف وينظر لزوجته بترفع ويقول: "بالله عليكم، كل هؤلاء المريدين، ولم يقع حظي إلا على هذه!"
المرأة السيئة هي التي عندما ترى كثيرا من الرجال مستعدين لأن يفدوا أرواحهم لها بعد الزواج تترفع على زوجها وتسيء أخلاقها معه. نأمل أن تخلوا مجتمعاتنا من هاتيك النساء.
يختلف غضب الرجال و النساء إثر هذه التخيلات الشيطانية كل الاختلاف عن غضبهم لأمور ثانية. ومن البساطة بمكان تشخيص الغضب الذي منشأه هذه الأفكار عن غيره.
النظرة العرفانية للحياة الزوجية وأن الطرف المقابل نحبه لأنه ما اختاره الله لنا، يمكنه أن يشكل سدّا منيعا أمام نشوء مثل هذه الأفكار ومضراتها. فعلى كل حال، لا تفكروا بأي حال من الأحوال في إعادة النظر في اختياركم للزوج المختار سابقا.
الرؤية الصحيحة للعلاقة الأسرية
من الممكن تقسيم العلاقات الأسرية بلحاظ معين إلى خمسة أنواع. وبالطبع يحظى النوع الرابع والخامس بأهمية أقل في هذه العلاقات. النوع الأول: العلاقة الزوجية. النوع الثاني: علاقة الابناء بوالديهم. النوع الثالث: علاقة الوالدين بأبنائهم. النوع الرابع: علاقة الأخوة والأخوات فيما بينهم. النوع الخامس: العلاقة مع الأقرباء. الروابط الثلاث الأولى تحظى بأهمية خاصة ويتحتم علينا أن نضعها نصب أعيننا في العلاقات الأسرية لا أن نهتم بالعلاقات الزوجية فقط.
الملاحظة الأخرى المهمة هي نحن لانقصد من الكلام عن إصلاح وتكامل العلاقات الأسرية صرف إزالة المشاكل التي تنقدح في الذهن ابتداء. بل إن نطاق هذه الإصلاحات أوسع بكثير من هذه المشاكل.
فالعلاقات الأسرية نترقب منها أن توصلنا إلى الرشد والتكامل لا أن نكتفي بأثرها في القضاء على المشاكل فحسب.
الملاحظة الثالثة هي أن معرفة المشاكل وعوامل المعاناة والمحن في المعيشة أمر مهم جدا. فالمرء عندما يقف على عوامل معاناته الروحية، يمكنه بسهولة الخروج واتخلص منها. وعندها لا حاجة لأن يأتي شخص آخر ليخلصه من هذه القيود، فالإنسان يمتلك القدرة الروحية على أن ينجي نفسه إذا وقع على عوامل وأسباب المعاناة. فلا ينتظر من الآخرين أن يتقدموا ويصلحوا سلوكه. بل بإمكانه الخروج من كل هذه التورطات من دون حاجة لتدخل الآخرين.

العلاقات الاجتماعية، مجال معرفة النفس وإصلاحها.

إن بوسع العلاقات الاجتماعية أن تولد ثمرتين مهمتين، وبعبارة أخرى إن مجال العلاقات الاجتماعية وتعد الأسرة إحدى مصاديقه التي تكون لها مكانة سامية فيه؛ له فائدتين: 1- أن يكتشف المرء نفسه فيه ويعرفها. 2- أن يقوم بإصلاح نفسه فيه. فلا يمكن للمرء أن يعرف نفسه ويصلحها من غير أن يزجّها في هذا الظرف. فالعلاقات الاجتماعية، مجال معرفة النفس البشرية وإصلاحها. بل وحتى العبادات الفردية وصلاة الليل وأمثالها يمكن تعريفها عبر هذا الطريق الرئيسي. ويمكن القول بأن تشريع صلاة الليل أساسا لأجل اتساع ظرف الإنسان ليمكنه التحرك حركة مناسبة في هذا الطريق الأصلي -أعني به العلاقات الإجتماعية- ليصل إلى الرشد والكمال. كالسيارة التي تنحرف عن الجادة الأصلية وتدخل إلى مضخة الوقود جنب الطريق لتتزوّد بالوقود ثم تعود ثانية إلى الجادة. صلاة الليل أيضا كمضخة الوقود. فالمرء يتحرك دائما في جادة العمل إلى الأمام. ولا يمكن لأي أحد أن يفرّ من هذا الطريق.
فمن الخطأ أن نعتبر مجال التدين بل وحتى معرفة الدين مقتصر على علاقة الانسان بربه. فعلاقة الانسان بربه تتشكل وتتألف في ظل المجتمع و"العلاقات الاجتماعية". فعلى المرء أن يسعى ليصل إلى الله من خلال هذه العلاقات، فهي محل صعوده وعروجه. وأكثر الصفات الحسنة والسيئة للانسان لايمكن تعريفها إلا من خلال هذه العلاقات. بل وحتى تلك الصفات الحسنة والسيئة والتي تعتبر صفات فردية تماما، نجدها لا تعطي ثمارها إلا من خلال العلاقات الاجتماعية.

يتبع إن شاء الله...
30-10-2013 07:25 صباحاً
icon رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
طريقة التعامل مع المشاكل في الحياة المشتركة

1- النظرة الصحيحة للمشاكل

كما أن أهم عامل في مرحلة الاختيار، هو إصلاح الرؤية للحياة المشتركة والعلاقة بين الزوجين، كذلك مسألة التعامل مع المشاكل؛ فإصلاح الرؤية هو أول قدم وأهمه. و على هذا الأساس، سنشير ابتداء إلى ملاحظتين يظهر للوهلة الأولى أنهما متناقضتان، مع أن الأمر ليس كذلك. أولا إن السبب الأول لعدم ازدهار استعدادنا، يعود للتفريط في طاقاتنا وقدراتنا، وأهم سبب للضعف في عبوديتنا وحياتنا، هو المشاكل التي تحصل لنا في جو العلاقات الأسرية. ولا توجد مشكلة كهذه المشاكل في الأثر في تحطيم الاستعداد الإنساني للعبودية وللحياة.
أما الملاحظة الثانية في الرؤية الأولى فهي تناقض الملاحظة السابقة وهي: إن أهم المسائل التي يتحتم علينا الالتفات لها هي على المرء أن لايذل نفسه ويأسرها أمام المشاكل العائلية. إذ لايمكن لأي أحد أن يصون نفسه ويصدها عن هذه المشاكل. فعلى الرغم من أن أهم عامل لتحطيم الانسان هو هذه المشاكل، عليه أن يجتهد في أن لايسمح لها أن تسقطه أرضا.
ألا أن عرف أهمية الأسرة ومقامها السامي، ستعينه هذه المعرفة على أن يحصل على وعيا كافيا لها، والقدرة على استقبال المشاكل والسعي لحلها وإزالتها.
نعم، لابد من الالتفات لهذه الملاحظة؛ فمع أن للأسرة مقام رفيع جدا ولها الأهمية البالغة، لكن لابد أن يكون البحث عنها بشكل لايدع المرء يزيد من انتظاراته منها. وذلك لأن المرء كلما ازدادت انتظاراته من أسرته، إزداد عذابه، وتقاعس عن الإقدام لإصلاح نفسه، وكذلك يحطم العلاقات الأسرية بانتظاره الإصلاح من الآخرين بدلا عن إصلاح نفسه.

2- الرؤية الصحيحة للزواج

كما مر في موضوع اختيار الزوج، لتكن نظرتكم بعد العقد للطرف الآخر كنظرة الأبناء إلى والديهم. فهل للأبناء حق اختيار أبويهم؟ وهل يفكر أحد في هذا المجال ويعترض على قصر أمه؟ أو لماذا أبي يشغل الشغل الفلاني أو له الوضع الجسماني الكذائي؟ هل يمكن لأحد أن يغير تقديره؟ على الزوجين أيضا أن ينظرا إلى علاقتهما بعد الزواج بهذه النظرة التي تساعد على رشد المرء ورقيه كثيرا. فهذا -مهما كان- هو تقديرك المعين.
اسمحوا لي أن أضرب لكم مثالا لتقريب المعنى في الذهن: هل نظرتم إلى وجوه العجائز والشيبة جيدا؟ وهل رأيتم وجوههم المجعدة وشعرهم المشعث بسبب شدة الكبر، حتى قد يصاب البعض بالحدب، ومن الناحية الأخلاقية أيضا نجد بعضهم يقل صبرهم وتحملهم كثيرا. مع هذا نجد أحفادهم يحبونهم كثيرا ونجد بينهم ألفة كبيرة. وقد يتعجب المرء من شدة هذه المحبة. فيالها من محبة وأنس شديدين بين الحفيد وجديه. فهل فكر الحفيد يوما بهذا الموضوع أي لماذا يكون وجه جدي أو جدتي هكذا؟ على الزوجين أيضا أن يكونا هكذا. فهذا الحفيد وصل إلى هذه النقطة بشكل طبيعي ولا يفكر إطلاقا بعيوب جديه ونقائصهما، لكن على الزوجين أن يصلا إلى هذه النقطة بالمعرفة والدراية؛ أي أن يصلا إلى الأنس والمحبة الشديدة، من غير أن تؤذيهم النقائص والعيوب. لا تختر زوجتك مرة ثانية، كما أن الحفيد لا يفكر باختيار جديه على الاطلاق.
نجد البعض للأسف ما إن تحصل عندهم مشكلة يتطرق هذا السؤال إلى أذهانهم: "هل اختياري هو أفضل اختيار بالنسبة لي، وليس باستطاعتي اختيار أفضل منه؟". لتعلموا أن هذا التساؤل طفولي ويأتي من السذاجة والبساطة الطفولية.
كما نجد بعض الناس يتدخل عند حصول أي سوء تفاهم بين الزوجين ليقول لأحدهما عندما يستشيره في أمر هذه المشكلة: "يا لها من ورطة تورطت بها، لقد ضاع عمرك هدرا" ففي الواقع إن مشورة هؤلاء مضيعة للعمر وإفساد للمعيشة.
ليس الهدف من تقديم هذا البحث أن يتضاعف صبركم على تحمل صعاب المعيشة ومرها. بل إن الهدف منه نجاتكم من شر وسوسة الاختيار المجدد. فإن الحسرة على كل شيء وفي كل وقت قبيحة وغير مطلوبة؛ لكنها في الحياة المشتركة أقبح بكثير. أبعدوا بساط هذه الأفكار المخربة عن الحياة الزوجية المشتركة.
قد تقولون أن الطلاق لا مكان له في ظل هذا المنطق، الجواب هو هكذا تقريبا؛ لذلك ذكر الطلاق في الروايات بوصفه أبغض الحلال. فهذه البحوث كلها ترتبط بباثولوجيا الحياة المشتركة والطلاق خارج عن محل بحثنا الفعلي ويتطلب مجال آخر.
إن ما يجب أن نضعه نصب أعيننا هو أن اختيارنا كاشف عن إرادة الله سبحانه. إن الرجال الصالحين يحسنون الارتباط العاطفي بزوجاتهم ويحبونهم على أساس علل وعوامل معينة لا يمكن للناس العاديين أن يحبون أزواجهم لنفس هذه العلل والعوامل. ومن هذه العوامل هي، أن هذه الزوجة هي ما اختارها الله له؛ هذا عدا العوامل الأخرى كجمال زوجته وأخلاقها وصفاتها الحسنة وحبها له وغير ذلك من العوامل.أو ليس الذي يحصل على سجادة مثلا أو تربة من الامام الحجة عج الله تعالى فرجه كهدية سيتعلق بها ويعشقها جدا وتكون عزيزة عنده غير ما لغيرها من السجاد والتراب؟ عندما نقول إن زوجتك قد اختارها الله لك؛ أتعلم ما يعني هذا الأمر؟ أتعلم ما معنى هذا الكلام؟ لابد أن تكون حياتنا مشتملة على هذه النظرة العرفانية، ولا يمكن لمن كانت حياته خالية من هذه الرؤية العرفانية أن يدرك لذة العيش. لا يمكن لمن لا يحيى حياة عرفانية أن يتحمل صعاب الحياة وستكون حياته مليئة بالتذمر والشكوى. من يحيى حياة عرفانية ستكون صعاب الحياة بالنسبة له جميلة فضلا عن امكانه تحملها. ومن لا يحيى حياة عرفانية، سيكون كل أمر بالنسبة له قبيح وكريه. وسيُكره على قضاء أوقاته بالذنب والمعصية، حتى لا يتذمر من هذه المعيشة ويمكنه تحملها وإدامتها.أضيف قائلا بأن هذا الاقتراح وهو أن تنظروا للحياة الزوجية بنظرة عرفانية وأن تحيوا حياة عرفانية، اقتراح عام تماما، وعلى الجميع أن ينظروا للحياة الزوجية بهذه النظرة، فلا تتصوروا بأن هذه النظرة خاصة بالعرفاء والأولياء.

يتبع إن شاء الله ...
20-10-2013 10:08 صباحاً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان، الجلسة 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
بين يديك أيها القارئ الكريم ملخص الجلسة الثانية من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «دور العبادة في أسلوب الحياة» حيث ألقاها في مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة طهران، في شهر رمضان عام 1434هـ.


إن الإنسان ليأنس بأسلوب حياته/ إن عدم الثبات والاضطراب في أسلوب الحياة يترك آثارا سلبية كثيرة في روح الإنسان

إن الإنسان ليأنس بأسلوب حياته، وتارة يصل تعلقه إلى درجة من الشدة بحيث إن سلبت منه أسلوب حياته، قد تلحق به صدمات وعوارض نفسية وعصبية كبيرة. فعلى سبيل المثال يقول البعض في خصوص كبار السن أنهم إذا انتقلوا من منطقتهم وبيتهم فجأة، هذا ما يؤدي عادة إلى بعض المشاكل لهم من قبيل مرض النسيان.
لقد أجري إحصاء قبل كم سنة على المتقاعدين من أحد المشاغل، وإذا بالنتائج تقول أكثر من خمسين بالمئة من هؤلاء المتقاعدين قد وافاهم الأجل في نفس سنة تقاعدهم، وهذا ما يدلّ على مدى تعلق الإنسان بأسلوب حياته.
فإن بات الإنسان يتنقل من مكان إلى مكان ومن بيت إلى بيت، فهذا ما سوف يلحق به بعض العوارض بطبيعة الحال. فإذا لم يحظ الإنسان بثبات في عمله وحياته وعلاقاته وفي كلمة واحدة في بعض أسلوب حياته، فإن هذا الاضطراب وخاصة في أيام الكبر قد يؤدي إلى كثير من التداعيات السلبية.

نحن نأنس بحياتنا بطبيعة الحال، فلابد أن نخطط لما نريد أن نأنس به

إنّ أحد أسباب تسمية الإنسان بالإنسان هو أنه أهل الأنس، فنحن نأنس بالأشياء التي حولنا كما نأنس بعاداتنا السلوكية وقد يصعب علينا تركها. ولهذا فلابدّ أن نخطط مسبقا لما نريد أن نأنس به.
ما أحلى أن يستأنس الإنسان بأمثال هذه الأعمال: بأن يستيقض مبكّرا مثلا، أو أن يتوضأ مباشرة بعد ما استيقض، أو يصلي صلاة الصبح في أول وقتها، أو يذهب إلى المسجد و... فإن هذه الأعمال من أهمّ أدوية روح الإنسان من أجل القضاء على جميع الأمراض.
في يوم القيامة أو بعد الظهور حيث يتطوّر العلم في ذاك الزمان، سوف يتضح أن برنامج الصلوات اليومية التي فرضها الله علينا وأكّد علينا أن نقيمها في المسجد جماعة، كم هي مفيدة وضرورية لروحنا. وسوف يتّضح وقتئذ كم هي نافعة لصحّة روحنا ونفسيتنا بغضّ النظر عن بُعد الارتباط بالله الذي يصحب شعيرة الصلاة.

إن صحة روحنا تستلزم رياضة «مستمرّة» متناسبة مع اقتضاءات روحنا

كما أننا بحاجة إلى تمارين رياضية يومية في سبيل حفظ صحة جسمنا، وكما أنه يجب لهذه التمارين أن تكون مستمرّة ومتناسبة مع جسمنا لتترك أثرها الإيجابي على جسمنا، كذلك من أجل صحة الروح لابدّ أن نمارس رياضة متناسبة مع مقتضياتنا الروحية بشكل مستمر.
لو كنا نقدر على إنتاج فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني، بحيث يجسد هذه الحقيقة للمشاهد أن روح الإنسان بحاجة إلى الأنس بعبادة كالصلاة وهي بحاجة إلى التعلق بالمسجد والحضور في صلاة الجماعة باستمرار وعلى الدوام، لكثر عدد المصلين في المجتمع بسرعة.

لماذا لم يقل أئمتنا أن لا تصلّوا فيما إذا لم تتوجهوا في صلواتكم؟! لأن مجرد هذه الصلاة العارية من حضور القلب هي مما يحتاجها روح الإنسان

أحد أسباب أهمية أسلوب الحياة هو أن الإنسان يستأنس بأسلوب حياته ويتعلق به تلقائيا. لماذا لم يقل أئمتنا أن لا تصلوا فيما إذا لم تتوجهوا في صلواتكم؟ أحد الأسباب هو أن مجرد هذه الصلاة العارية من حضور القلب والتوجه هي مما يحتاجها روح الإنسان.
هل أن الله قد فرض الصلاة للارتباط به وحسب، وليس لها أي أثر على روحنا؟ إن سائر آثار الصلاة الاجتماعية والروحية والجسمية من القوّة بمكان بحيث قد نستطيع ألقول بأنها لا تقل عن أثر الصلاة في تكوين الارتباط مع الله. فإن الآثار الروحية والنفسية للصلاة مهمة جدا وجديرة بالالتفات، ولكننا نغض الطرف عادة عن هذه الآثار الإيجابية المترتبة على الصلاة، حيث لم يأت علم النفس لخدمة الدين وكشف أسراره وأبعاده النفسيّة بعدُ. وما إن دخل علماء النفس في هذا الميدان وخاضوا في آثار عبادة الله والارتباط بالله والعقائد الدينية ذهلوا وانبهروا بنتائج دراساتهم.

ليست العادة مذمومة إن حمت الإنسان من السقوط، بل تصبح عندئذ من أوجب الواجبات

أحد الأخطاء الرائجة هي ما يقال: «العادة أمر مذموم، ولا ينبغي للإنسان أن يعتاد». نعم، فإن كانت هذه العادة تحجز الإنسان عن تطوره وارتقائه فهي أمر مذموم، أما إذا منعته من السقوط، فلم تكن مذمومة بل تصبح عندئذ من أوجب الواجبات. فعلى سبيل المثال إن اعتاد أحد على استماع مصائب الحسين(ع) والبكاء عليه، ما جعلته يتوتر ويفقد راحته إن طالت به الأيام ولم يبك فيها على الحسين(ع)، فإن هذه العادة تحميه من السقوط. وكذلك الحال في تعوّد الإنسان على الصلاة، فإن هذا التعوّد من أسباب عدم ترك الصلاة وعدم حرمان الإنسان من الفوائد الروحية والجسمية الكامنة في الصلاة. فحتى لو كانت صلاته بلا حضور وتوجّه، مع ذلك سوف يحظى المصلّي بالحدّ الأدنى من فوائدها.
قال أمير المؤمنين(ع): «عَوِّدُوا أَنْفُسَ?ُمْ‏ الْخَیْرَ؛ الخرائج و الجرائح/ج2/ص596». فإن اعتاد الإنسان على عمل حسن ما، عند ذلك لا يتركه بسهولة، كما أن هذه العادة السلوكية الحسنة لتترك أثرها الإيجابيّ على روحه بشكل مستمرّ.

يتبع إن شاء الله...
19-10-2013 02:31 مساءً
icon رؤية جديدة إلى موضوع الحجاب 3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
في سفري مع مجموعة من الأصدقاء لإحدى الدول الأفريقية، دخلنا إلى مطعم لمسلم من لبنان، لكنّا فوجئنا عندما رأينا زوجته غير محجبة. فسأله أحد الأصدقاء الذي كان معنا عن ذلك بكل متانة وبشاشة قائلا: "لماذا لا ترتدي زوجتك الحجاب الإسلامي مع كونك مسلم؟". فأجاب صاحب المطعم: "لأني لم أقتنع لحد الآن بضرورة الحجاب". فذكر له هذا الصديق ضمن عرضه لبعض المطالب عن الحجاب، مثال الورد. فتبسم هذا الرجل اللبناني وقال: "أنا أيضا -لحسن الاتفاق- أعتقد بأن المرأة كالوردة، والورد يستخدم للتزيين والتجميل. لذلك أنا أستغل جمال زوجتي لتزيين المطعم وجلب الزبائن. فبرأيي أن المرأة ليست هي كالوردة فحسب بل هي كالعطر الذي يضعه الناس ليشم عطره الآخرون ويستمتعوا به".
فالدليل الضعيف لهذا الصديق على ضرورة الحجاب، تبدل إلى دليل هذا الشخص اللبناني على ضرورة نزع الحجاب بالنسبة لزوجته. لهذا يقال: "الدفاع السيئ عن شيء، أسوء من عدم الدفاع عنه". فلو تحجبت المرأة على اثر استدلال ضعيف غير مقنع، ستكره الحجاب بعد مدة وتضعه جانبا.
فهذه الأمثلة والأدلة على الحجاب بوسعها أن ترضي من هم من أهل الحجاب ويهمهم كسب رضا الله تبارك وتعالى. لكنه هل يقنع الذين يرون الحجاب ففاقدا لأي توجيه عقلائي؟
ومن جهة أخرى، إن هذا الاستدلال لا يقنع مجتمعاتنا الحاضرة، لأن نساءنا الآن يعيشون باحترام. فحتى لو خرجت بدون حجاب لا يجرأ أحد على التعرض لها. نعم، لو ظهرت المرأة في المجتمعات الغربية بحجاب سيئ (طبعا الحجاب السيئ بالمعنى الغربي له؛ لا المصطلح عليه في وطننا) لا يرحمها الآخرون وستكون بمعرض التعرض بنحو ما. فهنا يمكن القول بأن "الحجاب حصانة"، لكن ليس لهذا التعريف فاعلية في مجتمعاتنا التي للمرأة فيه مكانة عالية.


3- هل المرأة وحدها تحتاج إلى حصانة؟


الاشكال الآخر الذي يتجه لهذا التعريف، هو التقييم الخطأ للحصانة. فللأسف هناك تقييم خاطئ في مجتمعاتنا للمشاكل الموجودة في مجال العلاقات بين المرأة والرجل. فالنظرة المتعارفة في مجتمعنا هي أن المقصر الأصلي في المشكلة التي تظهر في العلاقة بين المرأة والرجل، هو الرجل لا غير. فلماذا نتصور أن كل الأخطار تأتي من الرجال، ونريد من المرأة أن تحفظ نفسها منها؟
قبل عدة سنوات أجري حكم الإعدام على شابين في محلة من مدينة طهران بجرم إقامة الارتباط المحرم مع بنت واحدة. أجري بعد الإعدام مقابلة مع هذه البنت أذيعت في الإذاعة والتلفزيون. كانت البنت ترتدي أثناء المقابلة حجاب شنيع جدا. فليس من المعلوم كيف كان لباسها في الشارع عند ابتعادها عن قيد جهاز تصوير الإذاعة والتلفزيون، حيث طمع فيها هذين الشابين!؟ صحيح أن هذين الشابين كانا متجاوزين وينبغي إعدامهما، لكن إين يذهب ذنب هذه البنت؟ فللأسف لا أحد ينظر لهذه البنت بنظرة المقصر.
يحب الجميع حتى النساء غير المحجبات أن تكون مجتمعاتنا مصونة من الأخظار. لذلك لا أحد يوجه اتهامه للنساء غير المحجبات، لكن بمجرد أن يرتكب الرجل جرما معينا أو يسلك سلوكا غير صحيح، ينهال عليه سيل التهم من كل حدب وصوب. فلا أحد يشك في أن الرجل لابد أن يؤاخذ لو ارتكب معصية كهذه، لكن الكلام هو لماذا لا تُرى إلا معصية الرجل، ولا أحد يلتفت إلى جرم المرأة في هذا المجال؟ إن السفور جريمة. والرجال في اشتباكهم مع غير المحجبات، قد وقعوا في الحقيقة في مواجهة لسلوك إجرامي. فمن الممكن أن يقول أحد: "على الرجل أن يكون عصاميّ" فلو سألناه: "ألا ينبغي على المرأة أن تكون عصامية أيضا؟" فهل المرأة مجازة في أن تفعل ما تشاء؟ هذه هي ثقافتنا الخاطئة الرائجة في مجتمعنا.
فنساءنا مصونات في مجتمعنا أكثر من اللازم. وهذا مما يساعد على إشاعة ثقافة السفور واللاحجاب.
فلو كان الرجال يؤاخذون على سلوكهم الإجرامي، ألا تؤاخذ المرأة أيضا على بعض تصرفاتها كالوسوسة والتريك والخداع وإيقاع الشباب في شراك صيدها؟ نحن لا نريد أن نتحزب للذكورية، وأن نوجه ثقافتنا للدفاع عن الرجل. لكن ثقافة التحزب للأنثوية الخاطئة، والدفاع عن المرأة على كل حال والغض عن تقصيرها خطأ أيضا.


قيود الحجاب


عندما نقول: "الحجاب حصانة لا قيد"، ففي الحقيقة نحن نسعى وراء رفع القيود التي يأتي بها الحجاب والتي لها ثقل سلبي على النفس. لكن هل في الحقيقة إن الحجاب لا يحد من حرية المرأة؟ إن الجواب المنصف لهذا السؤال هو إن الحجاب قد يحد حرية المرأة نوعا ما. وليس من الصحيح أن نعتبر الحجاب لاحد فيه لحرية المرأة. فالمرأة التي تختار الحجاب الإسلامي تتحمل هذه القيود التي تكون المرأة السافرة في غنىً عنها.
ويمكن أن نشبه حجاب المرأة من حيث القيود التي يأتي بها بلباس الرجل الروحاني (العمة والجبة و...) فلباس الرجل الروحاني أيضا فيه نوع من القيود. فمن لبس الزي الروحاني عليه ترك كثير من الأفعال التي يفعلها الآخرون بسهولة.
بعد أن نتقبل القيود التي يفرضها الحجاب على المرأة، لابد أن ندخل في مسألة أخرى وهي كيف يمكن أ، نعرف هذا الحكم الذي يأتي معه بالقيود للناس بحيث ليس يقبلون به ولا يرفضونه فحسب، بل يحبونه بكل قلوبهم؟
أولا، ينبغي القول، إن فرار الناس من الحدود ليست قاعدة كلية وعامة لجميع البشر، بل نجد كثيرا من الناس يستقبل بعض الحدود بسواعد مفتوحة لكي تكون وسيلة لرشده وتكامله المتزايدين. فيمكن القول بأن عامة الناس يفرون من الحدود والقيود، بيد أن الخواص ليسوا كذلك. فكثيرا ما نرى أن الخواص قد يتحمل كثيرا من الحدود في حياته. فعليه لا يلزم أن نقول للخواص: "ليس الحجاب قيد" حتى ينجذب له ويحبه.
ومن جهة أخرى على رغم الحدود والقيود التي يأتي بها الحجاب، لابد من تبيين فلسفة تقبل بعض القيود والحدود وفائدتها. فجميع الناس يستقبلون كثيرا من الحدود المختلفة في حياتهم ويواجهون كثيرا منها في جميع أرجاء حياتهم شاءوا أم أبوا. أليس في السياقة حدود خاصة؟ فهل يمكن لكل أحد أن يسوق في الجانب الذي يرتضيه من الشارع أو بالسرعة التي يريدها؟ أوليس للأكل حدود؟ فهل يمكن للذي يحب الموز أن يأكل علبة كبيرة كاملة في وقت واحد؟ أوليس للملابس حدود؟ فهل يمكن لكل أحد أن يلبس كل مايحب في كل وقت وأوان وفي كل مكان؟ فحياة الإنسان المادية مليئة منذ الأساس بكثير من الحدود التي يرتضيها جميع البشر ولا يعترض عليها أحد. وبعض هذه الحدود يصعب العيش أو لا يمكن بدون تحملها. فعلى سبيل المثال فالإنسان ولأجل صيانة نفسه من الحر والبرد يحد نفسه ببناء مؤلف من أربعة جدران باسم البيت. فهل تجد أحدا يفر من هذا الحد؟ فالبشر يواجهون دائما في حياتهم أشكالا مختلفة من الحدود التي لايمكن العيش بدون التسليم لها. لذلك لايمكن الفرار من الحجاب وعدم القبول به لمجرد كونه يحد الحريات.وبالطبع لو استخدمت كلمة أخرى غير "القيد" حيث تحمل ثقلا أقل على النفس لكان ذلك أفضل. لذلك كان الشهيد المطهري يواجه الذين كانوا يبالغون في وصف حدود الحجاب، بقوله إنه ليس (قيد) حتى لا يترك ذريعة للمغرضين أن يشجعوا الحجاب وضرورته باستغلالهم لهذه الكلمة. لذلك استخدم الشهيد المطهري كلمة أخرى أقل ثقلا على النفس من القيد وهي "الحصانة".
15-10-2013 09:06 صباحاً
icon رؤية جديدة إلى موضوع الحجاب 1-3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
لماذا كان النبي(ص) لا يقوم من مجلس مع أصحابه إلا ويستغفر الله 25 مرة؟

إن أثر العمل عال جدا. فلماذا كان النبي(ص) يهتمّ بالاستغفار بهذا القدر، بينما نحن لا نهتمّ به بهذا القدر؟ فقد روي عن أَبِی عَبْدِ اللَّهِ(ع)‏: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) ?َانَ لَا یَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ وَ إِنْ خَفَّ حَتَّى یَسْتَغْفِرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَمْساً وَ عِشْرِینَ مَرَّةً؛ ?افی/ج2/ص504».
ومما لا شك فيه لم يكن في جلسات النبي(ص) شيء من الغيبة ونحوها، بل كانت كلّها ذكرا وصوابا، ولكن مجرد هذا الجلوس والتحدّث مع الناس، من شأنه أن يقلق الإنسان من هفوة أو سلوك صدر منه وأبعده عن رضا الله، ولهذا كان يستغفر الرسول(ص). هذا يحكي عن مدى أهمية عمل الإنسان، بحيث حتى ولو صدرت منه خطأة صغيرة جدا،يحتاج إلى استغفار بهذا الكمّ.

إن سمحنا للإسلام وفسحنا له المجال، سوف يترك أثره حتى في تصاميم وألوان أزيائنا وبيوتنا ومدننا.

نحن إن سمحنا لإسلامنا العزيز وفسحنا له المجال، سوف يترك أثره حتى في تصاميم وألوان أزيائنا. وإن سمحنا له بالتدخل سوف يحدد هندسة بيوتنا أيضا. كما سوف يترك أثره الجميل في هندسة مدننا وأزقتنا وسوف يقدم لنا منهجا سلوكيا شاملا وكاملا.

إنما السلوك الدائم ولا المؤقت هو الذي يتحول إلى أسلوب الحياة!

إن لسلوكنا تأثيرا كبيرا في الحياة. ولكن ليس مجرد السلوك هو الذي يحدد أسلوب الحياة، بل إنما ذاك السلوك الذي يمارس بشكل دائم، هو الذي يتحول إلى أسلوب الحياة. فعندما ننظر إلى الروايات، نجد أن أثر السلوك والعمل المستمر أكثر مما كان مؤقتا مقطعيا، حتى ولو كان ذاك العمل المؤقت أفضل وأكبر. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «قَلِیلٌ مَدُومٌ عَلَیْهِ خَیْرٌ مِنْ ?َثِیرٍ مَمْلُولٍ مِنْه‏؛ نهج البلاغه/الح?مة 444».

إن أثر السلوك المستمر على الإنسان كثير جدا، ولو كان عملا قليلا

اعملوا بعمل جيد بدوام واستمرار، فحتى لو كان هذا العمل صغيرا في ظاهره، سوف ترون كم له من أثر كبير على أنفسكم. فإنكم لو تقرأون زيارة مفصلة للحسين في يوم واحد، لا يبلغ أثرها الحسن إلى ما لو تقولون: «السلام عليك يا أبا عبد الله» مرة واحدة ولكن بدوام في كل يوم، فإنكم لو داومتم على هذا العمل الصغير سوف يترك أثرا أكبر وأعمق من عمل مفصل لمرة واحدة.
إن للسلوك الدائم تأثيرا كبيرا على الإنسان ومن هذا المنطلق تجد الإسلام يهتمّ كثيرا بأسلوب الحياة ولهذا نجده يعيننا على تصميم أسلوب لحياتنا. فبالإضافة إلى جميع الأعمال والبرامج التي وضعها كبرنامج في الحياة، أدرج بعض العبادات المحورية والرئيسة كالصلاة والصوم في برنامج حياتنا حيث إنها بمثابة خيط السبحة تنظم وتنسق باقي أعمالنا وسلوكنا في الحياة في منظومة واحدة.

طوبى لأولئك الذين ينطوي أسلوب حياتهم على برنامج دائم ومستمر باسم «ذكر مصيبة الحسين(ع)»

طوبى لأولئك الذين ينطوي أسلوب حياتهم على برنامج دائم ومستمر باسم «ذكر مصيبة الحسين(ع)»، فيذكرون مصيبته ويبكون عليه دائما. والله يعلم كم لذكر مصائب الحسين(ع) من تأثير عميق على روح الإنسان وازدياد نوره ومعنويته. حيث إن أهل المعرفة والمعنى حتى وإن كانوا بدرجة قليلة في رتبتهم يستطيعون أن يشخصوا أهل ذكر مصائب الحسين بأول نظرة ولقاء.
كم هو جميل فيما إذا أضاف الإنسان هذا الأسلوب في حياته، وراح يتردد على أهل البيت(ع) ولا سيما أبا عبد الله الحسين(ع) بشكل دائم.

إن دعاء كميل كان هدية أمير المؤمنين(ع) لكميل بسبب كثرة معاشرته لأمير المؤمنين(ع)/ فلنقرر في هذا الشهر أن نذكر الحسين(ع) يوميا

إن شهر رمضان المبارك له ارتباط كبير بأمير المؤمنين(ع). ذات يوم سأل كميل أمير المؤمنين (ع) أن يعلمه دعاء الخضر (وهو نفس الدعاء المشهور بدعاء كميل اليوم) فقال له أمير المؤمنين(ع): «اجْلِسْ یَا ?ُمَیْلُ إِذَا حَفِظْتَ هَذَا الدُّعَاءَ فَادْعُ بِهِ ?ُلَّ لَیْلَةِ جُمُعَةٍ أَوْ فِی الشَّهْرِ مَرَّةً أَوْ فِی السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ فِی عُمُرِ?َ مَرَّةً تُ?ْفَ وَ تُنْصَرَ وَ تُرْزَقَ وَ لَنْ تُعْدَمَ الْمَغْفِرَةَ؛ إقبال الأعمال/2/706» وقال له أمير المؤمنين(ع): «یَا ?ُمَیْلُ‏ أَوْجَبَ‏ لَ?َ‏ طُولُ‏ الصُّحْبَةِ لَنَا أَنْ نَجُودَ لَ?َ بِمَا سَأَلْتَ ثُمَّ قَالَ ا?ْتُب‏...؛ إقبال الأعمال/2/706)».

فإذا أكثرنا من الصحبة مع أهل البيت(ع)، سوف يرون من واجبهم أن يلطفوا بنا ويسددونا.

كم هو جميل أن نقرر أن نتوجه في جميع أيام هذا الشهر إلى الحسين(ع) ونقول: «صلى الله عليك يا أبا عبد الله(ع)». فلنسأل الإمام الحسين(ع) أن يغير أسلوب حياتنا في شهر رمضان كما قد غيره في محرم. فإن كان محرّم وأيام عزاء الحسين(ع) لا تزيد عن عشرة أيام لبعض الناس، فلنحاول أن نذكر الحسين في جميع أيام شهر رمضان.
14-10-2013 01:56 مساءً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة 1-2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
العبادة والبرنامج العبادي يمنح حياتنا أسلوبا

إن العبادة ترتبط كثيرا بسلوك الإنسان. فعلى سبيل المثال يقول الأطباء أن الصلاة مع ما تحمله من آثار معنوية كبيرة جدا، هي رياضة في نفس الوقت. وكذلك يقول بعض الأطباء أن النشاط الذي يمنحه الوضوء للإنسان يعادل من بعض الجهات الاستحمام الكامل أو السباحة في المسابح.
العبادة والبرنامج العبادي له تأثير واسع على حياة الإنسان ويمنح هذه الحياة «أسلوبا» خاصا. فقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يبرمج حتى لعزائمنا وولائمنا، ولهذا جاءتنا وصايا في صلة الرحم في خصوص هذا الشهر. لقد وصانا النبي الأعظم(ص) بالأيتام مرتين في خطبته الشعبانية. فإن عُمِل بوصيته، يصبح شهر رمضان المبارك عيدا لأيتام هذه الأمّة.

من شأن العبادات أن يلتذ ويتمتع بها الإنسان، ولكننا نؤديها وكأنها ضريبة علينا!

يقول الإمام الصادق(ع): «قَالَ اللَّهُ تَبَارَ?َ وَ تَعَالَى یَا عِبَادِیَ‏ الصِّدِّیقِینَ‏ تَنَعَّمُوا بِعِبَادَتِی فِی الدُّنْیَا فَإِنَّ?ُمْ تَتَنَعَّمُونَ بِهَا فِی الْآخِرَةِ. الكافي/ج2/ص83».
وقال الشيخ بهجت(ره): «يبدو من هذا الحديث أن من شأن العبادات هو أن يتنعم بها الإنسان ولكننا نؤديها وكأنها ضريبة علينا، كأنها دواء مرّ نشربه مضطرين.» إذن ليست العبادة بتكليف إجباري أكره عليه الإنسان بالسوط. بل بإمكاننا أن نلتذ بالصلاة ونتمتع بها. فنحن إن فسحنا المجال للعبادة، تأت العبادة عندئذ وتنظم وتطور سلوكنا.

تغيير الزيّ قليلا في الصلاة، يعين الإنسان على استشعار مزيد من المعنوية والروحانية أثناء صلاته/ أثر ارتداء العباءة في الصلاة

لقد جرت عادة بعض المصلين أن يرتدوا عباءة أثناء الصلاة. وهذا يعني أن زيّه قد تغير أثناء الصلاة وتأثر بها. فإن مارستم هذا السلوك فترة سوف تشعرون بجماله وتتعلقون به ما قد يجعلكم لا تستطيعون أداء الصلاة بلا عباءة.
إن هذا السلوك، أي ارتداء زيّ خاص أثناء الصلاة هو جزء من أسلوب الحياة. وكثير من المساجد قد وفّروا عباءات لهذا الغرض وهذا عمل جميل.
بمجرد أن يعمل الإنسان تغييرا قليلا في زيه أثناء الصلاة، هذا يعينه على ازدياد حضور قلبه واستشعار أجواء معنوية أفضل في الصلاة.

لماذا تريد العبادة وبإصرار منها أن تدير وتغيّر سلوكنا بشكل دائم؟/ لأن «للعمل والسلوك» أثرا كبيرا على «هواياتنا» و«عقائدنا» و«علمنا».

لماذا تريد العبادة وبإصرار منها أن تدير وتغيّر سلوكنا بشكل دائم؟ لماذا تحرص العبادة على أن تعطي سلوكنا اتجاها إلهيا وأن تترك فيه آثارها؟ فيا ترى كم لسلوك الإنسان وأسلوب حياته من أهمية؟
لماذا يحظى أسلوب الحياة بهذه الأهمية بحيث تحرص العبادة على أن تترك آثارها الإيجابية على أسلوب حياتنا؟ لأن أساسا للعمل والسلوك أثرا كبيرا جدا على هواياتنا وعقائدنا وعلمنا ومعرفتنا ولكن للأسف قل ما يعار اهتماما لهذه القضيّة. يعتقد كثير من الناس أن الطريق الوحيد لتعزيز عقائدنا هو أن الحضور في الدروس العقائدية، طبعا وبالتأكيد إن لها دور في ذلك ولكن ليس لها كل الدور، بل العمل هو الذي يلعب الدور الرئيس في تعزيز العقائد.

نستطيع أن نغير رغباتنا وأحوالنا بأعمالنا وسلوكنا/ يمكن استئصال جذور حب الدنيا بالعمل

إذا تلاحظون أثر العمل، تجدونه ذا أثر على رغباتكم وهواياتكم. لا يستطيع الإنسان أن يتحكم في رغباته بشكل مباشر. فعلى سبيل المثال إن سأل أحد: «كيف أستطيع أن لا أكره الدنيا مع أني أحبها؟ وكيف أقدر على قلع حب الدنيا من قلبي؟» الجواب هو أنه: «أصلح عملك، وغض النظر قليلا عن زخارف الدنيا، وأكثر من التصدق بمالك، وأكثر من البذل والعطاء، فإنك قادر على تغيير نزعاتك وأحوالك القلبية بعملك».
فلا يخرج حب الدنيا من قلب الإنسان بالكلام والموعظة وحسب، طبعا إن للموعظة والتذكار أثرا لا شك فيه، بيد أن استئصال حبّ الدنيا من القلب والقضاء عليها إنما يمكن بسلوك الإنسان نفسه.

يحصل العلم والمعرفة بالعمل أيضا/ فإن عملتم بما تعلمون يرسل الله إليكم العلوم والمعارف من السماء

إذا أردنا أن نزداد حظا من المعرفة، لابدّ أن نعرف أن العلم والمعرفة إنما يحصلان بالعمل. قال رسول الله(ص): «مَنْ‏ عَمِلَ‏ بِمَا عَلِمَ‏ وَرَّثَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ یَعْلَم‏؛ الخرائج و الجرائح/ج3/ص1058» وقال الصادق(ع): «مَنْ‏ عَمِلَ‏ بِمَا عَلِمَ‏ ?ُفِیَ مَا لَمْ یَعْلَم‏؛ توحید الصدوق/ص416». فإن عملتم بما تعلمون ينزل الله إليكم العلم والمعرفة من السماء وكأن الملائكة تأتيكم لتزيدكم علما.

يتبع إن شاء الله...
14-10-2013 01:52 مساءً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: #واحـد من الناس;2091457 محاااظرة رااااائعه اخي باااارك الله فيك
وجعله في ميزان حسناتك

حياك الله أخي الكريم
شكرا جزيلا لك على المشاركة وتسجيل المرور
13-10-2013 09:52 صباحاً
icon رؤية جديدة إلى موضوع الحجاب 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
الفصل الأول: تعريف الحجاب

أول قدم للدخول في مسألة الحجاب وترشيده وتثقيف الناس عليه، هو تقديم تعريف مقنع لمفهوم الحجاب في حين كونه واقعيا، لا يترك مجال المخالفة للمخاطب من أول خطواته. لذلك نبتدأ هذا الفصل بالتعريف المشهور للحجاب ودراسته وبيان نقاط الضعف والقوة فيه، وكفاءته لزمننا الحاضر، ثم نذكر بعج ذلك ثلاثة تعاريف أو بالأحرى ثلاثة رؤى حول مقولة الحجاب يمكن عدّها البديل عن التعريف المشهور له؛ ولغاية ستر نقاط ضعفه.طبعا، من المحتمل أن نذكر بعض السلبيات الواردة على هذه التعاريف في مقام النقد، رغم أنه مبرّء من السلبيات الواردة على التعريف المشهور.

التعريف الأول: الحجاب حصانة وليس قيد

لا شك في أن الحجاب (سواء للمرأة أو للرجل) يتبعه بعض الحدود والقيود. وبما أن طبيعة الإنسان تفرّ من القيود، نجد بعض الناس يلجأ إلى الإسفار والابتعاد عنه ليتخلص من هذه القيود التي يتحفهم الحجاب بها. ولقد حاول الشهيد المطهري مع علمه بخاصية الإنسان وطبعه (الفرار من القيود) أن يمحو من ذهن المخاطب هذا المرتكز في الأذهان عن الحجاب وأنه قيد، فعبر عنه بأنه حصانة ليمحو عنه هذه الصفة السلبية أي (القيد) وآثارها النفسية.

سلبيات تعريف الحجاب بالحصانة

1- إن هذا التعريف انفعالي

لتوضيح هذا الإشكال يلزم أولا في البداية توضيح معنى الحصانة. فعندما نقول بأن الحجاب يأتي بالحصانة للمرأة، يعني أنه يحفظها من الأخظار. وهذا يعني أن المجتمع مليء بالأخطار التي تحيط المرأة، والحجاب يعتبر حصن ووقاية لها من هذه الأخطار. وبعبارة أخرى، تعريف الحجاب بالحصانة يعني أيتها المرأة! هناك أخطار كثيرة تهددك في المجتمع وإذا التزمت بالحجاب سيصونك من كثير منها. فهذا التعريف وإن كان تعريف صحيح لكنه انفعالي. وللأسف إن نظرتنا بصورة عامة للحجاب، نظرة انفعالية. فهل إن هذه النظرة الإنفعالية لمسألة الحجاب وتعريف الحجاب على أساسها يمكنه أن يُدخل مفهوم الحجاب في أعماق عقولنا وسويداء أرواحنا؟ فعلى الرغم أن الحجاب يأتي معه بالحصانة لكن ينبغي أن نرى هل تعريف الحجاب على أساس هذا الأثر الطبيعي (الحصانة) له استهلاك شامل وواسع أم لا؟ وبعبارة أخرى، هل أن هذا التعريف مفيد لجميع طبقات المجتمع أم لا؟ فلهذا التعريف للحجاب إشكالين أساسيين: الأول إيجاد هذه الرؤية الخاصة وهي إن الإسلام يريد من المسلمين أن يكونوا دائما منفعلين أمام جميع الظواهر. الإشكال الثاني هو عدم انسجام هذا الحكم الإسلامي مع روحية الناس الفعالين الذي يفرون من كل شيء انفعالي. أفلا يصيب هؤلاء الأشخاص الخيبة واليأس من الإسلام عندما يسمعون بهذه الرؤية عن الأحكام الإسلامية؟

فالشباب يسعون دائما وراء الإثارة والنشاط والحماس. لذلك لا ينجذب للدين الإنفعالي. والشاهد على ذلك هو عندما يقال لبعض الفتيات: "إلزمي حجابك حتى يصونك من الأخطار"، تجيب بكل شجاعة: "ليخسأ كل من يحاول أن ينظر لي بنظرة سيئة". أو عندما يقال لها: " إلزمي حجابك حتى لا يتهيج الشباب"، تقول بأسلوب هجومي: "إن هذه مشكلتهم، وليست مشكلتي، حسنا ليغضوا أبصارهم".

فهؤلاء الفتيات يضعن الحجاب جانبا لأنهن لا يحببن أن يكن انفعاليات. فهم قد وقفوا أمام الحجاب باستحكام ويملكون الدافع القوي لإبراز شجاعتهم في ترك الحجاب والإسفار. فوجود شخص واحد من هؤلاء يكفي لإسفار جمع كبير من النساء. لأن من لا يملك الشجاعة لترك الحجاب، يتأثر عندما يرى العقيدة الراسخة في ترك الحجاب لهؤلاء الأفراد، وتحصل لديه الشجاعة على ترك الحجاب أيضا.

وبالطبع، فإن جميع النساء حتى اللاتي يشعرن بالشجاعة، يوجد في باطنهن نوع من الخوف الأنثوي، الذي يمكن أن يدخلهم القلق بسببه. إذ يوجد عندهم الأرضية لهذا القلق ويخافون من الاشتباك بالرجال بسبب ضعفهم الجسمي بالنسبة للرجال. وهذا الخوف يشكل أحد عوامل الحجاب للمرأة ولا يعد نقصا لها. فالمرأة تلجأ للحجاب للتخلص من الثقل الروحي الذي يجره عليها ضعف جسمها بالنسبة للرجل لتشعر بالأمن. نجد الغرب الآن يسعى لكي يجرّد المرأة من هذا الخوف الطبيعي ويخرجها من هذا القلق. لذلك نجد الأفلام التي تعرض في الغرب طالما تحتل المرأة فيه دور رجولي ماما وتحضر فيه بصف الرجال في المشاهد البوليسية الخشنة التي لاتطاق. فهم يلقنون المرأة بعلمهم هذا أن لا تخافي، وأن حياءك بسبب هذا الخوف. فلو كنت تتحجبين بسبب الخوف، ولو كنت تتحاشين مصادقة الرجال بسبب الخوف أيضا، فاطردي عنك الخوف يسهل لك ذلك. في الغرب طالما يدعون المرأة لعرض شجاعتها وإبرازها. فتحاول بعض النساء -على أثر هذه الدعايات- أن تبدي بعض الشجاعات التي يصيبها الضرر على أثرها في النهاية. إذ لا يمكن تغيير هذا الواقع وهو أن المرأة بخلقتها الإلهية أضعف جسما من الرجل. ومن ناحية أخرى، إن الله سبحانه أعطى للرجال إمكانات أخرى يمكنه بها أن يضغط على المرأة من جهات مختلفة. فخوف النساء من الرجال طبيعي ومنطقي ومعقول، ويمكنه أن يشكل دافعا ومحفزا لمن يختار الحجاب للحصانة. مع كل هذا، نحن نحتاج لتعريف فعال عن الحجاب نقدمه لمن لا ترغب بالانفعال، وتسعى اتغطية هذا الخوف الطبيعي.

لذا، فإن تعريف الحجاب بالحصانة، على رغم كونه تعريف صحيح، لكنه ينبغي أن نفتش عن تعريف أفضل منه لوجود حالة الانفعال فيه ولعدم شموليته.

2- وجود الأمثلة النقيضة لهذا التعريف

تعريف الحجاب بالحصانة تعريف جميل، لكنه يفقد الدليل المحكم عليه، لذلك فمن السهولة إمكان عرض الأمثلة النقيضة عليه. فمثلا يذكرون إلى جانب هذا التعريف مثالا وهو، إن المرأة كالوردة، فلو كان الورد في معرض القطف، فمن الطبيعي سيقطفها ظالم ويفرق أوراقها ويتلفها. فهل برأيكم إن هذا المثال مُقنع لمجتمعاتنا في العصر الحاضر؟

كانت هناك مشكلة كبيرة تواجه أمانة العاصمة في طهران مدة من الزمن وهي كيف يمكنهم منع الناس من قطف الزهور المزروعة في الأماكن العامة من العاصمة؟ وأخيرا وصلوا إلى النتيجة وهي أن يزيلوا كل سياج وحصار وضعوه حول أماكن زرع الزهور. ودليلهم هو لنترك الناس يقطفوا ما يشاءون حتى يملّوا من هذا العمل. وحدث ما كان المتوقع، وهو عدم قطف الزهور من قبل الناس. فلو أتى شخص بهذا الاستدلال في مقابل الاستدلال بالحصانة للحجاب ومثال الورد، فهل بإمكان أحد أن يجيبه بجواب مقنع؟


25-09-2013 07:48 صباحاً
icon المثلث الذهبي للمحبة 5 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
بركات وجود المحبة بين الزوجين

يوجد عندنا في الروايات قريب من هذا المضمون: إن الله يدر على البيت الذي يحظى بمزيد من الحب والائتلاف والتفاهم بين الزوجين مزيد من بركاته ويرفع عنه الفقر.
فالله سبحانه يعتني كثيرا بالعاطفة التي تحصل بين الزوجين. يُنقل عن أحد العرفاء الذي كان في حال الاحتضار في إحدى المستشفيات، وقد قطع الأطباء أملهم في شفائه. إن حالت احتضاره قد طالت ولم يرحل عن الدنيا، ثم وبعد مدة عاد إلى الوعي وطلب من ابنه أن يذهب به إلى المنزل بعد الترخيص من الطبيب. ففعل ابنه ما طلبه منه وجاء به إلى المنزل. فتوجه الرجل إلى زوجته قائلا: "لقد أخر الله وفاتي بسبب عدم رغبتك في ذلك. وافقي على موتي لأرحل واستريح". وبدأ بالتدلل والتغنج إلى زوجته لترضى عن رحيله ثم بعد ذلك رحل عن الدنيا.
تنقل زوجة الشهيد جمران أيضا أن زوجها طلب منها الإذن عند استشهاده حيث تقول: "إن الشهيد توجه إلى في الليلة التي استشهد في صبيحتها قائلا: أريد الرحيل هل تأذنين لي بذلك؟ تقول فسكتت ولم أصر جوابا وكان قد طلب مني قبلها عدة مرات ولم أرض، لكني سكتت هذه المرة. وفي اليوم الثاني نال الشهيد جمران ما كان يصبو إليه ويتمناه الا وهو الشهادة في سبيل الله سبحانه".
فكما قلنا إن الله تعالى يعتني كثيرا بالمحبة الحاصلة بين الزوجين والتي يبتدأ من حين شروع حياتهما المشتركة، ولابد من السعي للحصول على أعلى درجاتها في طول حياتهما. إذ إن أحلى شيئ والذه في الحياة المشتركة هي هذه المحبة. فلابد من السعي للحصول عليها واستحكامها واستدامتها عن طريق بذل مزيد من المحبات.

تخطيط الزوجين للاستزادة من المحبة

لقد أجاز لنا الله سبحانه ومدنا بالامكانات اللازمة لتوسعة المحبة فيما بيننا. وهذه من المسائل المهمة جدا والمغفول عنها أيضا بطبيعة الحال. فلا فنّانونا ولا مخرجي الأفلام السينمائية استطاعوا وضع وصنع فيلم يشير إلى هذا الموضوع لنرى من خلاله آثار ازدياد المحبة بين الزوجين. وحتى لو أرادوا صنع فيلم بهذا الموضوع، فلا يصورون إلا صيت هذه المحبة وشدتها في الأيام الأولى من زواجهما، مع أن المفروض أن يصوروا عمق وحلاوة هذه المحبة بعد 30 سنة أو أكثر.
فكلما قلنا سابقا، بأن المحبة مما يمكن الاستزادة منها وتوجيهها والسيطرة عليها. والحياة المشتركة هي منذ الأساس لهذا الغرض، فلابد من السعي لذلك وعدم الاكتفاء بالقليل منها.
لذا يتحتم على الزوجين التخطيط والبرمجة للاستزادة منها، كما و عليهما عدم التكاسل والتثاقل عنها والقول بأنها تأتي لوحدها. كلا، هي لا تأتي لوحدها، فلابد من ايجادها من قبل أنفسنا والعيش في ظلها سكينة وهناء.
وهذه الحقيقة قابلة للدرك حتى من قبل أولادنا. لأنهم عندما يكبرون، ويواجهون أي مشكلة أو نقص عاطفي في حياتهم يعزونه للنقصان العاطفي في بيت أبويهم وعدم سعي والديهم لجبرانه ويقولون بأننا وبسبب هذا النقصان آل بنا الأمر إلى هذا المآل. فلابد من الاهتمام لهذا الأمر -على الأقل- لكي لا نتخاجل أمام أولادنا.

21-09-2013 07:03 صباحاً
icon المثلث الذهبي للمحبة 4 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
بإمكاننا تزايد المحبة والسيطرة عليها

النكتة الجميلة والمهمة جدا في باب المحبة هي أننا يمكننا زيادة المحبة. ويمكننا الرفع من مستوى "استيعابنا" للمحبة. وبإمكاننا تجربة أنواع من الحب يفوق مستوى استيعاب الفرد العادي. بالإضافة إلى إمكاننا السيطرة على أنواع الحب حتى يسعنا إدخال من نشاء إلى قلوبنا ومنع البعض الآخر. أي بإمكاننا توجيه القلب وتلقينه بأن يحب هذا ويبغض ذاك؛ وبعبارة أخرى بإمكاننا اختيار محبوبنا بأنفسنا.
فعلى هذه، من الممكن جعل القلب تحت سيطرتنا وإرادتنا وتوجيهه إلى حيث نريد، خصوصا في باب المحبة، لكن مع العلم بأن السيطرة على القلب، عمل شاق جدا. فعن الإمام الصادق(عليه السلام): "إزالة الجبال أهون من إزالة قلب عن موضعه".[1]
مر رسول الله(صلى الله عليه و آله) في المدينة يوما على جمع من الشباب يتسابقون فيما بينهم ليروا الأقوى فيهم الذي باستطاعته رفع حجر ثقيل من مكانه ونقله إلى مكان آخر، فقال لهم: "إن الشديد ليس من غلب الناس ولكن الشديد من غلب على نفسه"[2]
ولم يرد رسول الله(صلى الله عليه و آله) بهذه الجملة أن يزعجهم، بل أراد أن يعلمهم شيئا مهما وهو، إن أثقل شيء عند الإنسان، فيما لو تحرك حصل المرء بتحركه على أكبر لذة، هو "القلب".

الحياة المشتركة، ميدان التمرين على المحبة وتقارن القلوب

لقد خطط الله سبحانه للحياة الزوجية المشتركة بحيث تبدأ بالمحبة الجميلة. وسر منشأ هذه المحبة بين الزوجين هو الله تعالى حيث يقول في كتابه العزيز: "وجعل بينكم مودة ورحمة".[3] فقد أهدي الله سبحتنه "المودة" و"الرحمة" للزوجين الشابين في بداية حياتهما المشتركة. أما استدامة هذه المحبة وبقاؤها في امتداد عيشها لايكون إلا بعهدتهما. وهذا مثل الإحساس المعنوي الجميل الذي يهبه الله سبحانه للإنسان في بداية حياته المعنوية ثم يترك الباقي بعهدته، إن شاء عززه وأنماه وإن شاء قلله. أو مثل الطاقة الجسدية عند الشباب أو أي طاقة أخرى يهبها الله سبحانه للانسان، وهو بدوره يمكنه حفظ هذه الطاقة وتعزيزها، كما يمكنه تركها حتى تضعف وتزول.
وبالطبع، إن المثال الأخير سيق لتقريب المعنى في الذهن، وإلا فنحن على علم بأن الأمور المادية تسير نحو الأفول والتضاؤل ثم الزوال، وليس إلا الأمور المعنوية التي يمكن أن تنمو وتتطور بمرور الزمان.
على كل حال، فإرادة المحبة بيدنا وعهدتنا لا غير.

التثاقل في أمر المحبة وآثاره

على رغم أن الحياة المشتركة تبتدأ بالمحبة بيد أن "البعض" يتثاقلون ويتكاسلون في وادي المحبة. ومما يدعو للأسف أن هذا "البعض" يعني اليوم "كل العالم". فالثقافة الغالبة اليوم ينطبق عليها هذا المثل القائل: " " فغدى الناس اليوم لايعملون شيئا لأجل الحصول على المحبة، ولا يملكون أي سيطرة على قلوبهم، فهم كالمتفرج على كل محبة واردة أو صادرة على أو من قلبه. وبعبارة أخرى، هم اليوم أذلاء للمحبة. نحن بحاجة إلى محبة نرأسها في الوقت الذي تأسرنا، لكن لا بمعنى أن نذل لها.
فمن يعيش ذليلا للمحبة، لا قدرة له على ازديادها والإكثار منها. ولا قدرة له على السيطرة على كل محبة واردة كانت أم صادرة، ومن ثم لا يصل إلى الموفقية في حياته ويصاب بالإخفاق والفشل باستمرار.
فكما أن استعمال الأشعة الليزرية منوط بتركيز هذه الأشعة في نقطة واحدة والحيلولة دون تفرقها، كذلك المحبة فهي بحاجة إلى السيطرة عليها، وأن لاندع القلب يشرّق ويغرّب كيفما يشاء، عندئذ نكون أعزاء أمام قلوبنا لا أذلاء له.
ففلسفة الأوامر المكررة من قبل أولياء الله في الوقوف أمام هوى النفس، هي أن هوى النفس يدع الانسان ذليلا عاجزا أمام قلبه، فلو تمكننا من السيطرة على هوى النفس والحيلولة دون تمكنه منا صرنا من أصحاب القلوب شيئا فشيئا وعند ذلك تكون إدارة قلوبنا بأيدينا لا بيد غيرنا.
أما عن مقدار ازدياد حب زوجين شابين بعد مدة من زواجهما عما كان عليه في أوائل تشكيل حياتهما الزوجية، فهذا موكول إليهما. ففي بداية حياتهما المشتركة يحب بعضهما الآخر إلى حد الغرام، فينبغي عليهما الاهتمام أن لا يصاب هذا الحب بأي ضرر. لكن نجد أكثر الناس -وما يدعو للأسف- يكتفون بالحياة الحيوانية. وهذا يعني أنهم وفي بداية حياتهم المشتركة وعلى أساس -أن في كل جديد لذة- يشعرون بالحيوية والانتعاش، لكنهم بعد ذلك يحرمون وبسبب التثاقل والتكاسل من طعم المحبة العميقة والمستحكمة.

يتبع إن شاء الله...

[1].بحار الأنوار، ج75، ص240، الباب23، مواعظ الصادق جعفر بن محمد(ع)
[2].مستدرك وسائل الشيعة، ج11، ص139- مجموعة ورام، ج22، ص10
[3].الروم، 21

16-09-2013 10:26 صباحاً
icon المثلث الذهبي للمحبة 3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
ماذا نعمل ليحبنا الآخرون؟

لا تدعوا المحبة تقتصر على مدة الهيجان الابتدائي. فكثيرا ما يتفق أن يكون هذا الهيجان والحرارة التي تحصل في بداية كل علاقة عشق وغرام، ناشئة من النقص العاطفي. فهذه الهيجانات لايطول زمنها ومن المفروض أن لا نكتفي ببقاء العلاقة العاطفية بيننا بهذا المستوى. وإلا فلابد من الحصول على أكثر متعة ممكنة من هذه المحبة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أساسا، هل أن رغبتنا بأن يحبنا الآخرون، شيء فشيء؟ وإذا لم يكن كذلك؛ فماذا نعمل ليحبنا الآخرون؟ في زيارة أمين الله -التي تعد من أكثر الزيارات اعتبارا عندنا نحن الشيعة- يطلب الزائر فيها من الله سبحانه أن سجعله محبوبا في الأرض و في السماء: "...محبوبة في أرضك وفي سمائك".
أولا، فمن الحسن أن يتمنى المرء بأن يكون محبوب القلوب، ولهذا نحن نطلب هذا الأمر في زيارة أمين الله. ثانيا، التمتع والتلذذ بمحبة الآخرين أيضا شيء حسن. فمن الحسن أن يكون المرء محبوبا، بيد أن هذا الأمر له سبيل معين وسبيله يمر بيوت أولياء الله جل وعلا. القرآن الكريم يتكلم عن فرعون ويقول أنه لسوئه لم تبكى عليه السماء والأرض حيث يقول: "فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين".[1] فقوله تعالى أن السماء والارض لم تبكيا عليه، يدل على هذا الواقع وهو، إن الإنسان الخير إذا مات، تبكي عليه السماء والارض. وهذا يعني أنه محبوب في السماء والارض. إذن، متى يحبك كل الناس؟ ذلك عندما تجد نفسك خاليا من الأنانية، أي عندما تنحر الأنانية وتقدما قربانا لعشق ومحبة أكبر. عندها لايمكن أن لا تحبك زوجتك.
أتدرون ماهي أرقى محبة تحصل بين شخصين، خصوصا من تربطهما العلاقة الزوجية؟ هي عندما يهيم الاثنان بمعشوق أرقة، فلو أحب الزوجين الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه) حبا واقعيا، أي حبا يجردهما عن الأنانية؛ يمكنهما عندئذ تجربة عشق وحب طاهر فيما بينهما، وكلما ازداد حبهما لهذا الشخص، ازدادت اللذة والمتعة الحاصلة من المحبة فيما بينهما وكانت أكثر عمقا. فعند ذلك لو وضع أحدهما يده في يد الآخر عند صعود جبل مثلا وقد كانا يتناجيان ويتهامسان فيما بينهما، فبالتأكيد لا يمكن الحصول على علاقة حب وغرام أجمل من هذه العلاقة. لأن هذين الزوجين قد طبقا قاعدة "المثلث الذهبي" في حياتهما.

الحياة: سلوك بمحبة

مفهوم المحبة من المفاهيم البشرية البديهية التي يمكن للجميع درك بداهتها وجمالها بسهولة. ولا حاجة بتثقيف المرء على أن المحبة والعاطفة والحنان هي من ثروات الانسان الأصلية والجميلة التي كلما استمتع منها في حياته أكثر، كلما زادته رشدا إلى رشده. كلنا يعلم بأن البشر، كالورود التي تنعشها أناشيد المحبة وتزيدها طراوة وحلاوة، فلا يوجد في البشر شخص ينزعج من حب الآخرين له. فنحن من بداية حياتنا إلى نهايتها نسعى وراء المحبة. إذ قد أودع الله سبحانه في حياة الجميع نوع نقص عاطفي، يجعلنا نشعر بشعور حسن وعذب عندما نتقرب من المحبة ونلمس حرارتها.
ففي الحقيقة، إن حياتنا هي نوع فعالية سير وسلوك للمحبة، وبوسعنا في هذا السير، تجربة عدة أنواع من المحبات المختلفة والمتفاوتة من حيث أنواعها ومن حيث أنواعها ومن حيث شدتها وضعفها. فمرة نجرب محبة الأم والأب، ومرة نجرب محبة الزوج، ومرة أخرى نجرب محبة المولى. وكل واحد من هذه المحبات من الممكن أن يكون ضعيفا أو قويا.
على كل حال، ففي خصم السير والسلوك للمحبة، من الممكن أن تحصل عدة حوادث كلها ضرورية لرشد الإنسان ومن غير الممكن أن تضر بأصل المحبة في شيء. فمثلا، في فترة البلوغ و بعدها بقليل، يبدأ الأطفال بالإبتعاد عن أهلهم شيئا فشيئا، وهذا الأمر لا يعني الاستغناء عن عواطف الأسرة، بل بسبب أنهم يرغبون في تجربة محبة جديدة يمكنهم الحصول عليها من أترابهم و من هم بأعمارهم. فالإنسان هو دائما في تجربة لمحبة جديدة في حياته. وبالطبع على هذه المحبة الجديدة، أن تضع الإنسان في مسير الرشد و التكامل. وطبعا لا استثناء للمحبة التي يكون دورها بعد سن البلوغ، إذ لابدلها أن تخلق للفتيان أرضية الرشد و التكامل.
بعد مرحلة الميل إلى أترابهم، تظهر عند الأولاد شيئا فشيئا إحساس الميل إلى التحيز للأسرة وبالطبع هذه الحالة تختلف تماما عما جربوه مع والديهم. ففي هذه المرحلة تحصل لديهم الرغبة على تشكيل الأسرة بأنفسهم. وهذا السير يستمر هكذا وفي أثنائه يجرب الانسان أنواع من المحبات الجديدة المختلفة، مثل محبة الأولاد و... و... على كل حال، فكل هذه المحبات ضرورية ولا يمكن لأي منها أن تحل محل الأخرى.

يتبع إن شاء الله...

[1]. الدخان/29

14-09-2013 11:14 صباحاً
icon المثلث الذهبي للمحبة 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
ماهي قاعدة المثلث الذهبي؟

قلنا بأننا لو أردنا أن تكون المحبة فيما بيننا مستحكمة ومستدامة، لا سبيل سوى أن لا تكون قائمة على أساس الأنانية وقد أشرنا إلى صعوبة تحقق هذه المحبة وقد يظهر الكلام لأول وهلة أنه شعار فقط. بيد أنه هناك سبيل يمكن عن طريقه تجربة محبة لا تقوم على أساس الأنانية ألا وهو، استعمال هذه القاعدة الذهبية.
فلو افترضنا وجود شخصين، يحبان موجودا عظيما يمكنه أن يُسخّر قلبيهما ويزيل عنه الأنانية، عندئذ ستُعقد فيما بينهما رابطة مستحكمة ومستدامة وغير قابلة للوصف، ولا يمكن أن نجد لها أي نظير ومماثل في الدنيا.
الولاية، هي هذا الموجود العظيم. اسمحوا لي أن أدخل في المصاديق. فتخيلوا وجود شخصين يهيمان بالإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه) فهذان الإثنان لو حصلت بينهما رابطة زواج ستحصل بينهما علاقة حب وغرام قوية، لم تحصل بين أي اثنين في الدنيا. لماذا؟ لأن الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه) قد نزع الأنانية فيما بينهما، فأي حب عندئذ سيكون بينهما؟!!
هل تساءلتم يوما عن سبب كثرة الروايات الواردة في شدة العلاقة بين محبي أهل البيت(عليهم السلام)؟ فعندما تعشق أنت الإمام الرضا(عليه السلام) سيسلب منك أنانيتك. وعندما تصبح محبا للإمام الرضا(عليه السلام) لا تعد أنانيا، وتصبح كورقة الوردة اللطيفة، التي يداعب عطرها روح البشر، ثم تصبح أكثر لطافة. ويصبح وجودك ملؤه المحبة. لا بل يكون وجودك كله حب، لا مليئا بالحب. عندئذ لو أحببت أي شخص في الدنيا، ستتصف محبتك بعدم الأنانية. لماذا؟ لأن محبي أهل البيت(عليهم السلام) لاتكون محبتهم إلا مستحكمة ومستدامة.
"فهذه القاعدة الذهبية تقول لنا: لو اتصلت محبة شخصين بالسماء، لاتكون عميقة جدا فحسب بل تكون مستحكمة أيضا ومستدامة."فلو جفا الرجل أو المرأة الآخر، تيقنوا بأن أحد إشكال هذا الشخص أنه لا يحب الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه). فلو أحب شخص الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه) أو الإمام الحسين(عليه السلام)؛ أو أن قلبه تعلق بأحد أولياء الله بشدة، سيحب هذا الشخص زوجته حبا لا يمكن أن يتطرق إليه الجفاء.
وبالطبع لا إشكال في أن يأخذ غير ولي الله سبحانه بمجامع قلبيهما. فليتقدم كل من له القابلية على التغنج والتحبب وجذب القلوب، لكن السبب في ذكر أولياء الله سبحانه هو لا أحد غيرهم يمكنه التصرف بالقلوب مثل تصرفهم.
فلو فتشنا اليوم الدنيا بأكمبها لانجد شخصا له محبين وعشاق، كالإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه)، مع أنهم لم يروه لحد الآن؛ ولم يسمعوا صوته ولم يشموا ريحه؛ بيد أن جمكران لانتسابها له، تستقطب سنويا الملايين من الزوار المحبين الذي يأتون إليه من كل بقاع العالم.
أي فنان، أي مغنٍ، أي ممثل في العالم استطاع أن يجلب القلوب نحوه هكذا؟ فليستخدم الغرب أوج فنّهم في هوليود، هل يمكنهم أن يصنعوا محبوبا مثل قمر بني هاشم(عليه السلام)؛ حتى لو استخدموا كل الأساطير وكل الأكاذيب الممكنة؛ لا يمكنهم أن يصنعوا شخصية يحبّها الناس بهذا القدر. لا يمكنهم أن يصنعوا شخصية تهتزّ القلوب بعد 1400 سنة لسماع الظلم الذي جرى عليه. فهذا العشق وهذه الجاذبية، لا يمكن لأحد أن يدركها، نحن لم نقدم شيئا من الفن الكبير لأولياء الله فهم يأخذون بمجامع القلوب من دون حاجة لشغلنا، فهؤلاء العظام لهم القدرة العالية على جذب القلوب.
فلو أحب شخصان أولياء الله، ستسلب منهما ابتداء الأنانية على أثر هذا الحب. عندها تتولد بينهما محبة عميقة ومستحكمة. لذلك فلو كنتم تسعون خلف محبة مستحكمة ما عليكم إلا تطبيق "قاعدة المثلث الذهبي" في حياتكم.
صحيح، أننا جعلنا في رأس هذا المثلث، محبة أولياء الله، بيد أنه من الواضح أن محبة الله تعالى تكون في الدرجة الأعلى منها. لكن بما أن الوصول إلى محبة الله من طبيعتها لا تتم إلا بمحبة أولياء الله، وتصرف ولي الله في قلب الإنسان أكثر بساطة نوعا ما من تصرف الله، كان الوصول بالتبع إلى محبة أولياء الله أسهل علينا من إدراك محبة الله سبحانه.
ومن جهة ثانية، نحن من الممكن أن نكتشف بسهولة زيف محبة الله بامتحاننا بمحبة وليه. ولهذا السبب نحن نجعل محبة ولي الله على رأس هذا المثلث وإلا فلا شك في أن محبة الله سبحانه هي في الدرجة الأولى. على كل حال، فهذه المحبة هي المحبة التي تبقى ولا تزول، وهذه المحبة هي من الممكن أن تستمر مدة لذتها 30 عاما أو أكثر. ففي ظل محبة الله تكون المحبة بين الإثنين، محبة ممتعة ومستحكمة ومن غير زوال.
وبالطبع، وكما ترون نحن لا نريد القول بأن تعيشوا حياة دينية. فلا نريد منكم إلا أن تعيشوا عيش حب وغرام، منتهى، أن السبيل الوحيد لهذا العيش هو أن تجذب محبة أرقى من هذه المحبة قلب الإثنين نحوها.
من المؤسف، لم تعرض ولم تصور مثل هذه المحبة للناس لحد الآن. ومن المؤسف لم نرَ ولم نقرأ لحد الآن قصة تصور هكذا محبة. نتمنى لو يحصل كاتب يكتب قصصا غرامية عن هذه المحبة. نتمنى لو يتولد مخرج سينمائي يصور لنا مثل هذه القصص؛ وبالطبع بشكل فني بعيدا عن الأنماط والشعارات. مع إذعاننا بأن هذا العمل شاق جدا.

يتبع إن شاء الله...

19-08-2013 10:44 صباحاً
icon أصلين في اختيار الزوج؛ شروط الزواج 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
ملاك أفضل فتى و أفضل فتاة

من هو الأفضل من الأولاد؟

لقد أشرنا سابقا و لعدة مرات بأنك لا تتزوج إلا بمن اختارها الله لك، لكن المهم قوله هنا، هو أن هذا الأمر لا يعني أن تقف مكتوف الأيدي أمام مسألة الاختيار. بل المفروض القيام بالواجب على الوجه الصحيح، و تأمل من الله أن يكون سعيك مؤثرا. و القيام بهذه الوظيفة على أحسن وجه، بحاجة إلى ملاك صحيح تسير عليه.
فالسؤال الأساسي عند الشباب في أوان زواجهم هو: من هو الفتى الأفضل للاختيار؟ و من هي الفتاة الفضلى لذلك؟ أي ماهي خصوصيات الفتاة و الفتى الأفضل و ميزاتهم؟

ندخل أولا في ميزات الأفضل من الفتيان:

إن العريس الجيد، هو الذي نشأ في أسرة نالت الأم في أحضانها المحبّة الوافية من أبيه، وتواضعت الأم في المقابل لزوجها؛ فعندئذ لا يمكن للولد أن يكون معقدا. و الولد المتعادل غير المعقد من الممكن العيش معه و الوقوف معه في معترك الحياة.
فهذا الفتى و بسبب كونه قد ورث الاعتدال الروحي من أسرته، ولأنه لم يتعلم منها القسوة، و لم ير في داخل الأسرة التغافل عن حقوق الآخرين، و قد رأى السلوك الحسن المتقابل بين والديه بشكل جيد، فحتى لو كان يختلف مع الفتاة في بعض الصفات والخصوصيات، لكنه وبسبب تعادله الروحي سيتماشى مع هذه الاختلافات بسهولة و لا يجعلها تؤثر على سعادتهما.
أيتها الفتيات؛ لو اخترتن فتى لا يملك تعادلا روحيا بسبب كونه لم يرث هاتين الخصلتين من أسرته التي عاش في كنفها، فما عسى أن تكون النتيجة؟ تارة تجديه يطلب منك محبة فائقة على اللزوم. و قد يطلب منك تواضعا متزايدا. و قد يظهر أحيانا إعجابا بنفسه. و من الممكن أن تجدين في هذا الولد كثيرا من المسائل التي تعود منشأها إلى عدم التعادل في الشخصية الكامنة فيه. و قد يقول لك: أنا و منذ زواجي بك لم يتحقق ما أريده و لم يومّن حبي و عاطفتي؛ فهلا يأتي شخص ليقول له: من تكون أنت لتتكلم هذا الكلام؟! لقد صادفني كثير من هذه النماذج في جلسات المشاورة التي أعقدها مع الآخرين. أفلا يقول له قائل: زوجتك تستحملك بصعوبة؛ فمن كثرة العقد التي تحملها صار واضحا بأن أباك لم يكن يضفي على أمك المحبة و أن أمّك لم تكن تتواضع لأبيك. و لهذا السبب صرت غير متعادل.
خلاصة القول: لابد للولد أن يمتلك تعادلا روحيا و هذا التعادل لا يؤمن إلا من داخل بيت والديه. فهذه الأسرة التي تتكون من أب عطوف على زوجته لا يقسو عليها بتاتا، و من أم متواضعة قبال زوجها ولا تجرح كرامته، يمكن أن يتلقى فيها الولد التربية الصالحة الكاملة. لهذا فهو أنسب و أفضل من غيره للزواج حتى و إن كان من الناحية الايمانية في المستوى الأدنى من الايمان، وكان ما عداه يظهر منه أن إيمانه في مستوى أعلى منه لكنه غير متعادل للأسباب المتقدمة.
الشخص المتعادل من الممكن أن يكون سير رشده المعنوي منظم و متطور، و من لا يملك التعادل الروحي، من الممكن أن يصاب بالتقلبات و التغييرات و قد يظهر منه سلوك غير مأمول. و قد يؤدي عدم تعادله يوما ما إلى ظهور سلوك شاذ و ممارسات بذيئة منه.

من هي الفضلى من البنات؟

من هي الأنسب للزواج من غيرها من البنات؟ الجواب هو: أن القاعدة المتقدمة هي الحاكمة هنا أيضا: أي البنت التي نشأت و ترعرعت في بيت يحكم فيه هذين الأصلين الذهبيين المتقدمين. أي أن الأم تتواضع فيه للأب و لاتجرح كرامته أمام أولادهما ولا يحصل بينهما تخاصم أمام أولادهما، حتى لو كان بينهما خلاف قد يؤدّي إلى خصام. وأن أبيها لا يجرح قلب أمها. على كل حال؛ فكل بنت نشأت في بيت لا يجرح فيه أبوها قلب أمها و لا قلبها، فهي متعادلة روحيا.
أما البنت التي نشأت في بيت لم تتلقّ فيه أمّها المحبة الكافية من أبيها، و تبعا لذلك تحمل الأم في المقابل الحقد و الضغينة تجاه هذا الأب، فنراها تنزعج ولأبسط اشتباه يصدر منه، و كثيرا ما تسيئ الظن به. حتى نرى بعض البنات لايرغبن بالرجال؛ لماذا؟ لأن الأصل في الرجال في أذهانهن أنهم غير صالحين؛ إلا إذا ثبت خلاف ذلك؛ و سبب هذا التصور هو عدم السلوك الحسن لأبيها في داخل الأسرة أو أن الأم ممن تسيئ سمعة زوجها. فقد لا يكون الأب مقصرا كثيرا بيد أن الأم دائما ما تكون متذمرة من زوجها و تتكلم عنه بكلام سيء أمام أولادها، لقد أثرتُ هذين الأصلين الذهبيين في وسط أساتذة الحوزة العلمية و أساتذة علم النفس الجامعيين و قدمته لتحقيق علمي باعتباره عصارة جميع المسائل التي يجب مراعاتها و تحققها في الأسرة. و طلبت منهم أن يدلوا بدلوهم و يذكروا نتائج أخرى لو كان هناك شيء آخر يستحق الذكر إلى جانب ما ذكرت. وهدفي من هذا الكلام هو أن هذا كلام علمي قد اشتغلت عليه كثيرا. و سأتناول هذا الموضوع أكثر في أثناء البحث. أنتم يلزمكم أيضا مراعاة هذين الأصلين في حياتكم المستقبلية، أي على الرجل أن يحرص على عدم جرح قلب زوجته، و على المرأة الحرص على أن لا تخدش كرامة زوجها. أما ما نقول: أن على الاثنين أن يتحابوا فيما بينهم و يحترم أحدهما الآخر و يتواضع له و يؤثره على نفسه و أن يكونوا منطقيين فيما بينهم و ... و ... كل هذه الوصايا صحيحة، لكن العناصر الأساسية في المسألة هي نفس الأصلين المتقدمين.

16-07-2013 11:11 صباحاً
icon الأبعاد الثلاثة للعلاقة الزوجية 7 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
الحياة الراقية لا تكون على نمط خاص

الزواج كما أشرنا سابقا هو، تهيؤ أرضية التكامل للرجل و المرأة. و على هذا فليس من المعلوم أن نحصل على زوج مطابق للمعاييرالمأخوذة بالحسبان مئة بالمئة. فلربما أراد الله امتحاننا بزوج يحصل على كل المعايير المعتبرة ظاهرا و يفقد كثيرا منها حقيقة. بل، و حتى لو اخترنا من يحمل كل المعايير المأخوذة بالحسبان، فمن الممكن أن يجعله الله سببا لامتحاننا من جهة أخرى. فقد يسألني الأخوة و الأخوات في جلسات الاستشارة بأن الاختلاف السني بيننا 3 أو 4 سنوات، فهل هذا جيد؟ أو أنه أقوى مني إيمانا، فهل هذا أفضل أم لا؟ فما عسى جوابي أن يكون؛ سأجيب بقولي: ليس لي علم بذلك. فذوي القلوب و الأبصار المفتوحة بوسعهم القول بأن من اخترته، هل هو المقدّر لك من قبل أم لا؟ لكن عليك العلم بأنك في آخر المطاف لا تتزوج إلا بمن قدره الله لك لا غير.

فقد يقول البعض: كنت أريد الزواج بمن هو أقوى مني إيمانا لكي يكون عونا لي على الرشد و التكامل، لكني لم أحصل عليه فقد تزوجت بمن هو ليس كذلك. فنجيبه بالقول: من قال لك بأن الأقوى إيمانا سيكون عونا لك على رشدك؟ فقد يتم هذا العون على يد من هو أضعف منك إيمانا. إذ أن الزواج هو تهيؤ أرضية الرشد على أساس خطة معينة يرسمها لنا الله عزّوجلّ.

و خلاصة القول هو: لا تتصوروا بأن الأسرة المثالية التي تطوي سير الرشد و التكامل، لها شكل خاص لا تحيد عنه. كلا، فقد تكون هذه الأسرة بأنماط مختلفة. فتجنبوا الحالة الخاصة. و لا تقولي أريد زوجا ليس له إخوة و أخوات متعددون؛ فلعل كثرة الإخوة و الأخوات و الاقرباء سيشكلون عاملا مساعدا على رشد الأطفال بصورة أفضل. فمن كانت له خمس عمات يعتنين به و يدللنه، فمن الطبيعي تكون حياته مفعمة بالمحبة أكثر بكثير ممن له عمة واحدة فقط.

أو قد يقول الرجل: أريد زوجة قمة في الجمال، لكي تملأ عيني ولا أفكر بغيرها و لاتذهب عيني وراء غيرها. فنقول له: إن جمال زوجتك لايمكنه أن يصونك من الزلل لو كنت متبعا لهواك لاتملك القدرة على ضبط عينك.

لقد وضع اليوم شبابنا أنماطا معينة لكثير من الملاكات كالسنّ و قوة الإيمان و قلة الأقرباء و غيرها من الملاكات المادية و المعنوية، و قصروا أنفسهم على التفكير بها، و لايحاولون الخروج عنها. فنقول لهم: لايمكن تعريف الزواج السامي بشكل خاص. إذ لاشيء من هذه الملاكات بالذات يدلك على المعيشة السامية. فالذين يضعون لأنفسهم شروطا و أنماطا للزواج معقدة و محكمة - على حد تصورهم - غالبا ما نجدها لاتحمل أطرا منطقية، فيندمون عليها بمرور الزمن، و قد يتفق أحيانا أن يتضررون بها و تكون سببا لخلق بعض المشاكل و المتاعب لهم. فخلاصة القول هو: لاتجعلوا لمعيشتكم قالبا خاصا، بل اجعلوها محلا للتكامل و محلا تظهر و ترتسم فيه العاطفة و المحبة و التعاون على الرشد و الكمال.


من كذب الأفالم الغربية إلى واقعية الحياة

تُعقّد كثير من بناتنا مسألة الاختيار مما يؤدي إلى تأخير زواجهن بسبب هذه الأنماط التي يتلقينها من الأفلام الغربية. إسمحوا لي هنا أن أضع بين أيديكم ثقافة الأفلام الغربية في إلقائها للعلاقة بين المرأة و الرجل لكي تنطبع عندكم صورة كاملة عنها: فهم يصورون المرأة و الرجل موجودَين يُختم عليهما بسبب هذه العلاقة و من المفروض أن يحصل بينهما ذوبان كامل بحيث يغرق أحدهما في الآخر و يصلان إلى نهايتهما في هذه النقطة. فهم لا يصورون العلاقة بين المرأة و الرجل كبداية الحركة للتكامل، بل هي نهاية الآمال و الوصول إلى كعبة آمالهم. فإقامة العلاقات تعدّ عندهم نقطة الوصول إلى نهاية الإثنين أحدهما بالآخر. فهنا لابد من القول لهم: يا هذا؛ لاتصل أيّ امرأة في أيّ رجل إلى نهايتها، و لا يصل أي رجل في أي امرأة إلى نهايته. فالزواج، هو بمثابة منطلق الحركة و بداية التقدم و الرشد للإثنين.
أتعلمون كيف تستحكم الأخلاق الإسلامية في الأسرة؟ ذلك عندما يرى الزوج في زوجته نقطة ضعف ليس بوسعه تحملها، ثم يبتهج و يقول في نفسه: هذه هي النقطة التي ستساعد على رشدي و تطوّري. فليس أنه لا ينزعج لتصرف زوجته فحسب، بل يسترّ لذلك لعلمه بأن هذا الخلق السيئ يشكل أرضية تكامله و رشده.

فليس الأخلاق الإسلامية في الأسرة أن تكون زوجتك متواضعة. أتعلمون ما هي مشكلة من يبحث عن امرأة متواضعة؟ مشكلته أنه متكبر فيبحث عن امرأة متواضعة تتحمله حتى لا يؤول أمرهما إلى الخصام و المشاكل و المتاعب.

إذن، نقاط الضعف هي ذرائع النموّ و وسيلته، و ليس الزواج هو نهاية الدرب، حتى نغتم عند رؤية نقطة ضعف واحدة لنهايتنا المرير. بل إن الزواج هو بداية المسير، و نقاط الضعف هي بمثابة الراعي إلى الرشد و النمو و التكامل.

يتبع إن شاء الله...
04-07-2013 08:32 صباحاً
icon الأبعاد الثلاثة للعلاقة الزوجية 6 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
الزواج تعيين إلهي / لاترتابوا في التعيين الإلهي

على ضوء ما تقدم، إن أفضل نقطة تستحق أن يجعلها كل زوجين شابين نصب أعينهما بعد العقد و تشكيل الحياة المشتركة هي: "لا تشكك في اختيارك بعد أن اخترت شريكة حياتك بأي ملاك كان" والكلام نفس الكلام بالنسبة للزوجة. أما ما نجد البعض في ارتيابه و تردده في أصل الاختيار إثر أصغر مشكلة تواجهه في حياته أو إثر أقل جماح و هوس يصيبه فليعلم أن هذا من خدع الشيطان الخبيثة.
يبدو من خلال بعض الروايان أن الزواج من المقدرات الإلهية التي لا تقبل التغيير بسهولة.[1] فكما أن المرء ليس له خيار في تعيين أبيه وأمه، كذلك الزوج. فأخرجوا من أذهانكم فكرة نسبة الاختيار لكم و لكفاءاتكم و مهاراتكم، فهذا اختيار و تعيين إلهي.
إذن، من الأفضل إصلاح الجملة الأولى التي ذكرتها في أول الموضوع و تعديلها هكذا: "لاشك ولاتردد بعد العقد و تشكيل الحياة المشتركة في اختيار الله لك".
فلو جاء شخص قبل الخطبة و الاختيار و طلب مشورتي في موضوع اختيار الزوج، فبدوري طالبا حوزويا درس علم النفس و مارسه ممارسة فعالة حوالي عشرين سنة في مجال الاستشارة سأقول له نفس الكلام السابق. فهذا الكلام، حصيلة تجربة عريقة دامت سنين طويلة من الدروس التي تلقيتها من أساتذتي في موضوع المشاورة و التي قدمتها لأصدقائي الذين يحتاجون إليها في هذا المجال.
فلو جاء شخص لاستشارتي في موضوع اختيار الزوج، سيراني أتحاشا الجواب و أهرب منه، لكني سأضطر أخيرا إلى القول: "ليس الأمر بيدك؛ ما عليك إلا طيّ مراحل التحقيقات الإجمالية عن الموضوع، و الإقدام بعد التوكل على الله تعالى"
طبعا،قد يطرح سؤال هنا و هو: لو كان الزواج من المقدرات الإلهية و أن عقد الزوجين سيعقد في السماء، فلماذا تنتهي بعض الزواجات إلى الطلاق؟ أكتفي بالقول هنا بأن هذا السؤال له جواب، أوكله في محله، فاسمحوا لي أن لا أتناوله الآن لكي لا أعكّر صفو الكلام عن عذوبة الحياة المشتركة، بالخوض في موضوع الطلاق المرّ.
قبل عدة سنوات بث التلفاز مسلسلا يابانيا تدور أحداثه حول امرأة كانت تفكّر بالانفصال عن زوجها بسبب عدم استحسانها لبعض تصرفاته، و كانت تتصور بأنها لو تزوجت بغيره ستسعد حياتها. فانفصلت عن زوجها، ثم تزوجت بعد ذلك بغيره، فصورها المسلسل قد أصيبت بمشاكل وصعوبات أكثر بكثير من حياتها السابقة. قد تصاب بعض النساء بأمراض الكآبة في أواسط عمرهن بسبب قلقهن على محبوبيتهن من قبل أزواجهن، فلا يدرين هل لازلن محبوبات لديهم أم لا؟ و من جهة أخرى قد يصاب بعض الرجال بالقلق، بسبب عدم معرفتهم برأي نسائهم تجاههم و هل لازلن يعتبرنهم ممن يمكن الاعتماد عليه في منعطفات الحياة أم لا؟
فقد ذكر لي أحد متخصصي أمراض الدماغ و الأعصاب و قد كان من أساتذة الجامعة و من أصحاب التجربة، بأن أحد العلل الأساسية لكثرة استعمال الأقراص المهدئة للأعصاب في بلدنا هي هذه المسألة. فعلى المتزوجين تلقين أنفسهم بأن هذا الزوج هو بعينه من اختاره الله له، و ليس عليه التفكير بعدها إلا بكيفية تطوير حياته المشتركة و إكمال نقائصها. ثم بعد ذلك ليعلم بأن أي مقارنة بين زوجته و غيرها من الزوجات و كذلك الندم على الاختيار و الترديد و الشك فيه ممنوع جدا، و الكلام نفس الكلام بالنسبة للمرأة. إذ إن هذا من مظاهر الكفر و عدم الإيمان بالمقدرات الإلهية. و بالطبع نحن معصومون من هذا الكفر بالنسبة لآبائنا و أمهاتنا. فهل يمكن لأحد تغيير أمه و أبيه؟ فحتى أنت ينبغي أن لا تتمنى و لن تتمنى أبدا بتغيير والديك و صيرورتهما مثل غيرهما، أو تتمنى لو كانا يحملان الصفات الفلانية. فلا يخطر هذا الأمر في بال أحد. و الكلام نفس الكلام بالنسبة للزوج، فلا تفكر يوما بتمني غيره. و أنا بدوري أنتهز هذه الفرصة هنا لأقدم اعتذاري عن كل الفنانين و المخرجين و الكتاب السينمائيين لأنهم لم ينظروا إلى الزواج بهذه النظرة ولا مرّة واحدة فيما ينتجوه من نتاجات سينمائية.
لا تجعل للشك و الترديد إلى قلبك سبيلا. إعتبر هذا الاختيار المقدس و العقلائي و الرومانسي، ذريعة يشخص لك الاختيار الإلهي. فاعتبره اختيار الله سبحانه واطوِ مراحل حياتك المشتركة تحت كنفه ورعايته. و تقبل هذا الكلام من الله سبحانه بجدية حيث يقول: (وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَة)[2]

يتبع إن شاء الله...

[1]. روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: لو دَعا لك إسرافيلُ وجِبريلُ وميكائيلُ وحَمَلةُ العَرشِ وأنا فيهِم ما تَزَوَّجتَ إلاّ المرأةَ التى كُتِبَت لكَ. كنز العمال، ص501.

[2]. الروم / 21

29-06-2013 03:37 مساءً
icon المفتاح الذهبي للحياة المشتركة 3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
لقد خلقنا الله لنصل في مسيرتنا هذه إليه. لقد خلقنا لنصل إلى رشدنا و تكاملنا بالامتحان. فهو الذي يعين لنا هذا الامتحان، كما و يعين لكل شخص زوجه و نصيبه. فقد يتم الزواج عن طريق إلقاء محبة أحدهما في قلب الآخر؛ وقد يتم بإصرار الوالدين، و قد يتم بأن يتعرف أحدهما على الآخر صدفة و هكذا. بيد أن أصل الزواج، ليس باختيارنا. لكن نتيجة مساعينا لاختيار الزوج، كاشفة عن الإرادة و التقدير الإلهيين. للعوام مثل يقول: لننتظر و نرى من سيكون قسمة من؟ ففي الحقيقة إن هذا ليس مثل العامة، بل هو استنباط عرفاني لحقيقة الزواج.
أمّا السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما محصل اختيار الانسان؟ و هل هناك منافاة بين التقدير الإلهي و انتخابنا؟ أولسنا نحن الذين اخترنا أزواجنا؟ إياكم و أن تقيّموا الاختيار على أنه لاينسجم مع التدخل الإلهي. فليس الأمر كما يتصور البعض بأن الأمور التي تجري باختيارنا ليس لله يد فيها بل يدعها بأيدينا كاملا. فليس لدينا أي اختيار مطلق حتى في اختيار سيارة الأجرة. فعملية الاختيار هي في الواقع عملية التمام بين إرادتنا و إرادة الله سبحانه. فلامناص من جعل هذه الحقيقة نصب أعيننا و هي أن اختيارنا، لايمكن أن يكون مطلقا، كما أن الجبر بطبيعة الحال أيضا لايمكن أن يكون مطلقا. و البسط في هذا الموضوع موكول للبحوث الكلامية ولا مجال هنا للخوض في هذا الموضوع بأكثر مما ذكر.
سأكتفي هنا بالقول بأن الزواج من أكثر الموارد التي يخضع فيه تدخل المشيئة الإلهية لتعلقه بكل حياتنا. فقد رسم الله لنا الخطة التي نمشي عليها في كل حياتنا ولا مجال بحال من الأحوال لضربها أو تغييرها. السعي لاختيار الزوج الأفضل هو تكليفنا وله الأثر المباشر على حياتنا. لكن لابدّ من العلم بأن هذا التكليف وهذا الأثر المباشر هو، مظهر المشيئة الإلهية في نوع الامتحان الذي يمتحننا الله به في حياتنا الأسرية. إذن، تكليفي في الاختيار له محله الخاص، و مسألة أن الله يفعل ما يشاء أيضا لها محلها الخاص. فأنت تختار و على أساس مجموعة من المصالح و المنافع. أما مسألة وصولك لهذه المصالح أو عدمها فهو موكول للسنّة الإلهية. نعم، لابد من القول بأن حسن عملك مأثر حتما في صلب الحقيقة والواقع التي أنت عليه الآن. وسأتناول مسألة حسن العمل وأبسط الكلام فيه أكثر في المواضيع القادمة.
الملاحظة الأخرى هي، قد يتصور البعض بأن المرء الجيد لابد وان يكتب الله له نصيبا جيدا مثله. بيد أن الشواهد الكثيرة تنصّ على خلاف هذا التصور، فقد استشهد بعض أئمتنا على يد أزواجهم، وهذا التصور ناشئ من عقيدة خاصة و هي أن الزواج الصالح بمثابة الجائزة على أعمال المرء الصالحة، فأي إنسان يصلح باطنه و عمله و إيمانه، يحصل على زوج صالح مثله. كلا، ليس الأمر هكذا. فزوج المرء أرضية رشده المعنوي، والله سبحانه هو بوحده يعين الزوج المناسب لرشدنا. فاختلاف زوجتك معك روحيا و المشاكل و المصادمات المترتبة على هذا الاختلاف قد تشكل أرضية الرشد المتزايد بالنسبة لك. ولعله كلما ازدادت الظرفية و السعة الوجودية للشخص كان نصيبه زوجا أقل مرافقة و موافقة و أكثر اختلافا. أو لم يكن الإمام الحسن - عليه السلام - و الامام الجواد - عليه السلام - يستحقان المرأة المؤمنة الصالحة؟
و المسألة الأخرى الجديرة بالتأمل؛ إن الله سبحانه لايحرمنا للطفه و كرمه بسبب بعض تقصيرنا و نقصنا. إذ كرمه سبحانه أكثر من أن يعاملنا بالنقص في التقدير بسبب ضعفنا و تقصيرنا تجاهه.
وكما أشرنا إليه سابقا و نشير إليه لاحقا أن سعي المرء للحصول على زوجة صالحة لايذهب جزافا أبدا. كما أن دعاؤه و دعاء أمه و أبيه بحقه أيضا مؤثر حتما. غير أن التقدير و المصلحة مع هذا لها مكانتها و أهميتها الخاصة.
فمع أن "الدعاء يرد القضاء ولو أبرم إبراما" بيد أن كثيرا من أعمالنا كاشفة عنه. فليس أمامنا إلا السعي بمقدار وسعنا و طاقتنا؛ وبه تتحقق قسمة كل فرد.
خلاصة القول، أن اختيار الزوج، متعلق بمصلحة العبد و خيره قبل كونه متعلق بكفاءاته أو تقصيره.
اسمحوا لي هنا أن أوضح لكم محصل الاختيار و الدور الإلهي فيه بمثال: فلو قرر شخص الزواج ببنت متشخصة ليشمخ بأنفه و يفخر بها أمام أقربائه المتشخصين، أمكن العلم بطبيعة البنت التي يسعى وراءها من خلال من يتفق تعرّفه عليهن في تلك الأيام. والله سبحانه هو وحده الذي عرفه عليهن.
ثم يعيّن واحدة من بينهن يمكنه أن يشمخ بأنفه و يفخر بها أمام أقربائه. و من حسن الصدف يجعل الله سبحانه في هذه البنت المعيّنة صفاتا غير قابلة للتحمل، لكي يجعلها سببا لرقية و الوصول إلى رشده. فهنا قد تم الاختيار من قبل الشخص، والله أيضا فعل ما يريد. إضافة إلى هذا قد يوقعه الله في صعوبات عديدة و يمتحنه امتحانات عسيرة بسبب نيته السيئة في الاختيار. على كل حال ليس اختيارنا بالاختيار المطلق.


يتبع إن شاء الله ...
29-06-2013 03:35 مساءً
icon المفتاح الذهبي للحياة المشتركة | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: سهم القلوب;2078409 والله جميل ورائع وفي قمة الجمال.يسلمو
شكرا جزيلا لكم سلمت أياديكم على تسجيل المرور


27-06-2013 09:54 صباحاً
icon المفتاح الذهبي للحياة المشتركة 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
أصول اختيار الزوج


اختيار الزوج وشريك الحياة تعدّ أول مرحلة من مراحل الزواج، وهذا الموضوع هو مدار بحثنا، وسيجد شبابنا الأجوبة على كثير من أسئلتهم في مواصلتنا لهذا البحث، فكثيرا ما يسألون عن هذا الأمر بالتحديد في الجلسات و عند الاستشارة. بيد أن الأمر المهم الذي يستدعي استرعاء الانتباه في مرحلة الاختيار و لربما بعد ذلك، هو ضرورة إصلاح الرؤية عن مسألة الاختيار.
الأصل الأول: هل الزواج يتم بانتخابنا أم بالتقدير الإلهي؟ ما هو أفضل اختيار؟
أما عن نظرتنا للزواج و كيف يجب أن تكون؟ وبعبارة أخرى، ما هي الحصيلة الأولى لتشكيل الأسرة؟ و هل تخضع لاختيارنا بالكامل أم لشيء آخر؟ فالكثير يسعى ليحصل على أفضل اختيار، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أولا ما معنى الاختيار الأفضل؟ ثانيا و هل بوسعنا الحصول عليه ؟
ما معنى الاختيار الأفضل؟ وهل بمعنى ذلك الشخص الذي لايريد الله أن يمتحننا عن طريقه؟ و هل بوسع الإنسان أن يقف أمام الامتحان الإلهي و يمنعه عنه؟ وهل الزوج الأفضل، هو الإنسان الذي ليس في وجوده أية نقطة ضعف؟ أو هل الأفضل هو الشخص الذي يمكنك تحمّل نقاط ضعفه؟ فلو كان الأفضل هذا، فكيف بوسع الإنسان التكامل؟ فأي منطق هذا يجعلنا عد هؤلاء هم الأفضل؟ أوليست الأسرة أرضية التكامل بالنسبة لنا؟ قد يقول قائل: إن أفضل اختيار، يعني الشخص الذي يلائمني. طيب، من هو الذي يلائمك؟ و من منا يعلم ما هو الذي يلائمه بالتحديد؟ لا يعلم هذا إلا الله سبحانه. و عليكم العلم بأن الله هو الذي اختار لنا أزواجنا. وليس علينا إلا السعي في مرحلة الاختيار، أما الزواج فهو من التقديرات المحددة لنا.


اختيارنا كاشف عن الإرادة الالهية


اختر من شئت؛ و فكر بكل من تتصور أنه الصالح و دعه في مخيلتك و احص ملاكاته و معاييره. لكن في نفس الوقت إعلم بأن أي عمل تقدم عليه، لايمكن أن تغير به المقدرات الإلهية في باب الزواج بسهولة. فالطرف المقابل لايحدده لنا إلا الله. فالله يريد أن يمتحنك في المستقبل بزوجك ليصل بك إلى الرشد بواسطته. لايعرفك حق المعرفة إلا الله عزوجل لذا فهو الذي يعلم بمن سيتم زواجك في المستقبل. استخر الله ماشئت لتعرف بأن هذه الزوجة هي الصالحة أم تلك. فالله يدعك حتى تنهي كل استخاراتك و استشاراتك واستعاناتك بكل الامكانات للوصول إلى الحل الصحيح. ثم بعدها لو أراد امتحانك بأذية زوجك لتتحول إلى انسان كامل، لا أحد على الإطلاق يمكنه تغيير هذا القدر الإلهي ولو بشيء يسير.
فقضية الاختيار كاشفة لنا عن التقدير الإلهي و ما كتبه الله لنا. لذا ليس علينا إلا العمل بالتكليف في مقام الاختيار ولا شغل لنا بالنتيجة.
عندما كنت شابا قصّ عليّ أستاذي قصة، فقال: لقد كان شاب يسكن في محلتنا، توسلت أمه بالسيدة الزهراء -سلام الله عليها- حتى تعيّن لولدها الزوجة الصالحة. فنذرت لذلك النذور و أطعمت لأجل ذلك من تشاء و عملت كل شيء يقربها لمرادها، إلى أن رأت السيدة الزهراء في الرؤيا وقد دلتها في رؤياها على بنت من أقاربها أو معاريفها، لكنهم كانوا يعرفون هذه البنت من السابق ولم يرضوا بها زوجا لابنهم. فقالت الأم في نفسها عند استيقاضها من نومها: لابد من إشكال في هذه الرؤيا؛ ولعلي أفرطت في الأكل البارحة أو ... فالأفضل أن استمر في توسلاتي، لكنها رأت نفس البنت مرة أخرى في الرؤيا. فعزموا على خطبتها و تم الزواج. فينقل الأستاذ عن هذا الشاب قوله: لقد تورطنا بهذه البنت ورطة كبيرة جدا، فقد كانت حياتي معها تعيسة، لكني مرتاح البال لهذا الاختيار ولديّ قناعة بأن السيدة الزهراء -سلام الله عليها- أرادت امتحاني بهذا الاختيار لأحصل به على التكامل. و الكلام بطبيعة الحال نفس الكلام بالنسبة للنساء. لايمكنكم على الاطلاق أن تقفوا أمام القدرة الإلهية بالإقدام على زواج غير مناسب في رأيكم. فلا تتخبطوا خبط عشواء، ولا تقدموا على فعل غير معقول، أنا لم أقصد بكلامي بأن لاتسعوا في مسألة الاختيار، أو أن سعيكم لا أثر له. فهذا الأمر جار في كل أبعاد حياتنا و مراحلها، فليس أمامنا إلا العمل بالتكليف و ترك التقدير لله سبحانه.
فقد ورد عن النبي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - ما معناه :"لو دعوت الله أنا و ابراهيم و جبرئيل و إسرافيل في زواج شخص بغير من قدر الله له، لا يتم هذا الأمر"


يتبع إن شاء الله...

27-06-2013 09:43 صباحاً
icon المفتاح الذهبي للحياة المشتركة | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: عاشقة الرومانسيه;2078357 تسلم ا الاياادي ع الاختيااار

يعطيك العاافيه
شكرا جزيلا أختي على هذا المرور

26-06-2013 12:46 مساءً
icon الأستاذ بناهيان: لنقف عند إنجاز الرسول ونقيم الحضارة التي أسسها | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: سهم القلوب;2078202 والله رائع وجميل والله يجعله في ميزان حسناتك......

ويسلموووووووووووووووووووو...بس طووووووووويل *........



شكرا جزيلا على هذه الكلمات الطيبة والعذبة


01-06-2013 11:25 صباحاً
icon الأبعاد الثلاثة للعلاقة الزوجية 5 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
ثانيا : الزواج نعمة إلهية و حادث بسيط غير معقد


النحو الثاني من التوسع الذي نريد الوصول عن طريقه من المقدمة إلى البحث (الحياة المشتركة و الزواج) هو أن الدنيا مليئة بالنعم الوافرة الكثيرة. و نحن لايسعنا إلا توطيد العلاقة فيما بيننا و بين هذه النعم. و سنصل في أثناء البحث إلى الكلام عن ماهية هذه العلاقة الجميلة، لكن المهم الآن أن علاقتنا مع النعم الإلهية يجب أن تكون بنحو لاتزاحم روحنا، بل تكون مؤثرة في حصولنا على الاستيعابية اللازمة للقاء الله سبحانه.
نحن و في مسير الحصول على الاستيعابية اللازمة للقاء الله ستصل إلينا بعض اللذائذ و النعم التي لابد أن ننالها و نتقبلها بكل وجودنا. و بطبيعة الحال لابد أن تصل إلينا بعض المشاكل و النقم، وهذه أيضا لابد أن نتقبلها بكل وجودنا حتى تتحقق عملية الحصول على الاستيعابية بشكل جيد.
لذلك فلو اعتبرنا الزواج أحد النعم و اللذائذ الإلهية، لابد أن نتساءل عن كيفية التمتّع بهذه اللذائذ؟ لابدّ أن نتمتع بها بنحو لا تزاحم وجودنا؛ لا أن ننظر إليها كمغنم كبير بحيث تأخذ مأخذا من وجودنا وحياتنا. كلا، إن الزواج حدث بسيط جدا. كل الحيوانات والبهائم يتزاوجون فيما بينهم، إنه ليس بحدث معقد.


النظرة الصحيحة للزواج و تجنب الأوهام


لاتهوّلوا أمر الزواج في أعينكم بالأوهام. فقد يتصور البعض بأن الزواج لابد أن يتبعه أمرا مهما، لكننا لانجد لهذا الأمر من أثر؛ فليلة الزواج ليلة عادية جداً. ولايحصل فيها أي أمر مهم إلا هذه المحبة التي تعمر قلب الزوجين. قال لي عريس يوما: إن حفلة عقدي بعد أيام، ولكن لدي مشكلة واحدة؛ و هي أنني لا أشعر بأي شعور خاص. فقلت له: أتحب زوجتك؟ قال: نعم. قلت له: فماذا تريد أكثر من هذا؟ ثم سألته عدة أسئلة فرأيته رجلا معقولا و عاديا جدا. فقلت له: أنت إنسان متعادل جدا؛ فما هي مشكلتك؟ فقال: مشكلتي هي أنني لا أشعر بشعور خاص و لا أحس باضطراب خاص. فقلت له: أتعلم من المتعادل؟ هو أنت و من يحمل فكرك، و غير المتعادل من يرى في الزواج أمرا مهما، فهؤلاء إما يشكون من نقص عاطفي أو من عقد نفسية. فلا تفكر كثيرا بأنه سيحصل أمرا ما. أما يوم العقد فاعتبره يوما جميلا من أيام الله الجميلة باختلاف يسير.
لا ينبغي أن نتوقع من الزواج توقّعات خاصة، فلربما لم نصل إليها أبدا. والذي ينظر إلى الزواج بهذه الرؤية سوف لا يرى في أي متقدم من يشفي غليله. فقد ترفض البنت حتى مثل يوسف (عليه السلام) لأنه ليس فتى أحلامها، ولا ينطبق على ما صاغته في خيالها.
و الشاب في المقابل إن كان مما يطلق عنان فكره و خياله، سوف يرفض كل بنت مقترحة حتى لو كانت بنت الملوك و حتى لو كانت بجمال سندرلا، ويقول إنها ليست بضالّتي. و نتيجة أمثال هذه الأوهام هي التنفر من الطرف المقابل و الحقد عليه بلاشك.
نحن لا نريد من لذة الزواج إلا تأهيل أرواحنا و إصلاحها لتتمكن من التقرب إلى الله تعالى. أما لو أطلقنا لأنفسنا العنان في مخيلاتها و أوهامها عن لذة الزواج و سكينته لا نصل إلى أية نتيجة؛ أو حتى إذا حصلنا على نتيجة ما، نزعم أنّا لم نصل إلى شيء ما يؤدي إلى الشعور بالخيبة والكآبة.
ليس المراد من كلامي غض الطرف عن هذه النعمة الإلهية العظمى و المرّ عليها مرور الكرام؛ فليس هذا مرادي من ضرورة عدّ الزواج أمرا سهلا. بل قصدي هو أن نعتبر الزواج نعمة كبيرة يجب أن نتعاطى معها بشكل جميل لكي تشكّل لنا معبرا ننتهي به إلى مقصدنا السامي.
ترجع ابتداءً مسألة الزواج إلى نظرتنا للهدف منه؛ و إلى فاعليته في الحياة البشرية. و بعد إصلاح رؤيتنا عن الزواج يتحتم علينا الاهتمام بماهية الزواج و في المرحلة الثالثة بالآداب، التي يجب مراعاتها في الزواج. أما لو لم نعلم ما أثر الزواج علينا و ما هدف الله من جعل الزواج سنة الحياة و آية من آياته الكبرى، سنقع في مشكلة عدم التعاطي معه بشكل جيد.
طبعا لابد من القول بأن فهم الزواج بشكل دقيق و معرفة الهدف منه ليس بالأمر الهيّن. فحتى أهل السير و السلوك ليس بوسعهم درك الهدف من العلاقة فيما بينهم و بين الله سبحانه، فضلا عن أن نتوقع من باقي الناس أن يدركوا الهدف الصحيح من العلاقة بين المرأة و الرجل.
فلو لم نشخص الهدف من الزواج لا نعلم ما سيؤول بنا الأمر بعده؟ فهل سألنا أنفسنا أو أحدا عن الهدف من الزواج؟ فلعل أفضل جواب له هو نريد منه أن يوصلنا إلى الراحة النفسية. طيب، لكن حري بنا أن نتبع هذا الجواب بسؤال آخر، وهو أن: ماذا سنفعل بالراحة النفسية التي حصلنا عليها؟ ألا نريد منها أن توصلنا إلى غاية ما؟ و هل أن درجات التكامل تنتهي بالراحة النفسية؟ وقد يجاب على هذا السؤال بأننا بحاجة إلى الراحة لغرض التحرك المتزايد. طيب؛ و ماذا بعد الحركة و ما هي نهايتها؟ فهل تريد أن تكون عاملا فنّيا؟ هل تريد من الزواج أن تكون طالبا مثابرا؟ ثم ماذا بعد الدرس؟ علينا وضع هذه التساؤلات و أمثالها نصب أعيننا دائما، و مع الأسف، نجد كثيرا من الناس لا يتعدى تفكيرهم مسألة المسكن و الملبس و المأكل. فإذا سألته ما يهمك؟ يجيبك على الفور؛ ليس عندي منزل. طيب؛ و ماذا تريد من المنزل؟ يجيب: لأنعم فيه بالراحة. و ماذا تريد من الراحة؟ فقد يرجع إلى نفسه إذ يواجه هذا السؤال لأول مرة في حياته.
و لو كان الهدف النهائي هو الراحة، ماذا لو أعطانا الله إياها بمعزل عن المنزل، هل يكفي ذلك؟ سيكون الجواب لا، لأني أريد منزلا. لماذا؟ لأني لاأريد أن أبقى مستأجرا. و ماذا لو أعطانا منزلا لا نشعر فيه بالراحة؟
يبقى بعض الكبار كالأطفال الذي يتحججون على آبائهم و يلحّون عليهم في شراء لعبة معينة، و عندما يسأله الأب عن السبب، يجيب لألعب بها. فإذا أراد الأب أن يشتري له لعبة أجمل و أكثر متانة من التي طلبها و بإمكانها أن تسليه أكثر، يصر الطفل على اللعبة التي يريدها هو. فإذا سأله الأب عن السبب، يسكت و لايجد جوابا إذ لايسعه القول: لأني وجدتها في يد جارنا.
صدقوني بأن طلبات كثير من الناس - حتى من قرّب على التسعين - هي عين طلبات الأطفال الصغار. بل حتى نظرتهم للزواج لا تتعدي هذا المنطق. يجب أن نعرف السبب الذي يفرض علينا السعي وراء الزواج. نحن ابتداء يتحتم علينا معرفة الهدف من خلقنا ثم الهدف من حياتنا ثم الهدف من الزواج.


يتبع إن شاء الله ...
25-05-2013 11:05 صباحاً
icon الأبعاد الثلاثة للعلاقة الزوجية 4 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
إن ما يلي أيها القارئ العزيز تكملة لموضوع البعد العرفاني للزواج. كان المفروض أن ينشر في محله وقبل البعد العاطفي، ولكن حدث خطأ وصار ما صار فأرجوا المعذرة والمسامحة.

الزواج آية إلهية

علاقة الزواج بهدف الخلقة

لم يخفَ عنّا نوعا ما الهدفُ الرئيس من خلق الله سبحانه للعالم و الإنسان. إذ نعلم بأنّ الله تعالى خلق كل هذا الكون لأجلنا و خلقنا لأجله. طبعا ليس المقصود "خلقنا لأجله" هو أنه ينتفع بخلقنا ، بل معنى ذلك هو أن ننتفع به نحن و نحصل منه على اللذة. إن فلسفة عيشنا فترة من الزمن في هذا العالم ثم ذهابنا إلى عالم آخر، هي لكي نتلقّى في هذا العالم استيعابية و قابلية لازمة تمكّننا من أن نحصل بها على اللذة الكاملة من القرب الإلهي، و نفهم حينئذ أنه عزّ وجلّ ألذّ لذات العالم، لكن لا كاللذات المادية التي نحصل عليها تارة من الشراب و تارة من النظر أو قد نحصل عليها من الشمّ أو الأكل.
فالهدف من خلقنا هو السير في هذا العالم لنصل بعدها إلى لقاء الله جلّ وعلا. فلابد أن نحصل على الاستيعابية اللازمة لذلك حتى نحصل من هذا اللقاء على اللذة الكاملة. اللذة التي هي أصل كل نعمة للإنسان و تبقى خالدة إلى الأبد. أي أنها تبقى مليارات و مليارات السنين. فكلما نظرنا إلى الله سبحانه بقلوبنا، ألفينا هذه النظرة أجد من سابقاتها. و الجنة و الرضوان الإلهي و باقي النعم الإلهية هي كلّها مثل الفندق الذي يحل به الزوار في مشهد مثلا أو أيّ مكان آخر. فالزائر يحتاج إلى محلّ للسكن كما يحتاج إلى الأطعمة و الأشربة و ما شابه ذلك، بيد أن الهدف الأصلي لهذا المسافر هي الزيارة؛ و نسبة جمال الفندق من غيره لا يهمّ كثيرا لأنه ليس من الأمور المصيرية. فالله سبحانه قد خلقنا لنحصل على اللذة الكاملة بقربه. قد يطرأ هذا التساؤل في أذهاننا، و هو هل لله لذة؟ قد تجيب أذهاننا في الوهلة الأولى بأن النعم الإلهية هي التي نلتذ بها. ولكن لابد من القول هنا بأن الله سبحانه الخالق لأجمل لذة في العالم و أحلاها. ألا يكون هو أجمل و أحلى من غيره؟! فلا محاص من القبول بأن الله الخالق لأجمل الورود في العالم لابد أن يكون أجمل من كل الورود. و الله الخالق لأرقى عطور العالم لابد أن يكون أكثرها رقيا و عطرا. و الله الخالق لأروع قمة في العالم لابد أن يكون أعظم و أروع من كل عظيم و رائع.
لنضرب مثالا آخرا نقرّب به المعنى: فالله الذي أودع في العلاقة بين المرأة و الرجل نوعا من الهيجان و نوعا من العاطفة و الأحاسيس و نوعا من السكينة و اللذة، كيف لا يكون اللقاء به أكثر هيجانا و أكثر إثارة للعواطف و الأحاسيس؟ و كيف لا نحصل من هذا اللقاء على أسمى سكينة و لذة؟ فأصل كلّ هذه المعاني و التصورات و مصداقها الكامل و التام هو الله سبحانه. و أصل كلّ عالم الوجود، هو الله سبحانه. فنحن عندما نشرب الماء في لهوة العطش في حر الصيف و نشعر بلذة الماء و طراوته، لنعلم أن طراوة الله لايمكن قياسها بالماء العذب البارد في الصيف الحار.
فمن أصل الهدف من خلق الإنسان نعلم بأن الملائكة ليس بوسعها الحصول على اللذة من القرب الإلهي كالانسان. لأنها لاتستطيع أن تتّجه إلى الله تعالى بحرية كالانسان. و لايمكنها أن تولد مزيداً من القيم مثله. تلك القيم التي تعطيه سعة وجودية لايسعه الحصول على اللذة اللامتناهية من القرب الإلهي بدونها. بل ولايمكنه بدونها حتى لقاء الله. كمن كان مع موسى بن عمران (عليه السلام) و قالوا له " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة "[1] فأجابهم موسى لاطاقة لكم على ذلك -أي لا تملكون السعة الوجودية اللازمة- فعندما أصروا على ذلك و ادّعوا إمكان الرؤية، تجلى الله للجبل فجعله دكّا " فلما تجلّى ربّه للجبل جعله دكّا ..."[2] فماتوا جميعهم؛ ثم احتيوا بدعاء موسى (عليه السلام).

أولا : كل أجزاء العالم، يمكن وصفها على أساس هدف الخلقة

لابد من التوسع في مقدمة هذا البحث على نحوين. أولا إن جميع أجزاء العالم الذي خلق لأجلنا لايمكن وصفها إلا من خلال هذا الهدف. فخصوصيات مرحلة الشباب و خصوصيات العلاقة بين المرأة و الرجل و خصائص الزواج و محصلات الإنجاب و خصائص مرحلة الهرم و ... كلها مصمّمة و منظّمة لأجل تمهيد طريق تحقيق هذا الهدف.
قد يتصوّر البعض بأن الله خلقنا أولا ثم بدأ يفكر ماذا يفعل بنا ثم قال في نفسه لابد أن يتزاوجوا فيما بينهم؛ فلاحيلة غير هذا! فقال لهم اذهبوا و تزاوجوا فيما بينكم ثم تعالوا بعدها لأنظر ماذا أفعل بكم !!! كلا، فالزواج أيضا قد صممه الله و نظّمه على أساس الهدف من خلقنا. فكل أجزاء العالم لها ارتباط وثيق بهذا الهدف.
لماذا نحمل نحن البشر العاطفة و الأحاسيس؟ و لماذا نختلف عن باقي الموجودات؟ و لماذا ننجب الأولاد؟ و لماذا تتبدل كثير من أحاسيسنا و عواطفنا عند الكبر؟ ولماذا نفهم ما حوالينا بالتدريج؟ كل هذه الأمور المطروحة في هذه التساؤلات و غيرها قد أوجدها الله سبحانه على أساس الهدف من الخلقة.
تذكروا هذه الآية (وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون‏)[3] ما معنى آيات الله؟ آيات الله تعني الدليل على معرفة الله سبحانه. فأراد الله أن يقول بهذه الآية: أريد أن أريكم نفسي بالزواج و بالعلاقة الزوجية بين المرأة و الرجل. طبعا يمكنكم أن تنظروا إلى الزواج من زاوية منحنية فتكون النتيجة هي؛ إن الله هو الشيء الوحيد الذي لايوجد في الزواج. بيد أنكم لو نظرتم إلى الزواج من زاوية واقعية عندئذ ترون الزواج أيضا انعكاسا لوجوده جل وعلا.
فعندما يقول أمير المؤمنين : "ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله وبعده" يقصد هذا الأمر لاغير. فهذه كلها آية من آياته. حتى الزواج يعدّ بهذه النظرة مرحلة من مراحل دين الله سبحانه، و مرحلة من مراحل الحصول على الاستيعابية و السعة الوجودية للوصول إلى لقاء الله. فلابد أن ننظر إلى الزواج بهذه النظرة العرفانية الجميلة حتى يسعنا رؤية حقيقته.

يتبع إن شاء الله...

[1]. البقرة 55
[2]. الاعراف 143
[3]. الروم 21

15-05-2013 09:43 صباحاً
icon الأبعاد الثلاثة للعلاقة الزوجية 3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
آفات عدّ العلاقة بين الزوجين عشقا

أول آفة ونتيجة هي أن ننتظر ونتوقع من العلاقة بين المرأة والرجل أن تولد لنا أرفع صور العواطف وأشدّها، وهذا ما يُشتبه به كثيرا في مقام إقامة العلاقات بين الإثنين. فنرى كثيرا من الناس قد أبدل العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل إلى مجال لا يُنتظر منه إلا إرضاء نقصهم العاطفي. فمن الموارد التي تُلاحظ كثيرا في الخلافات الزوجية والتي تطرح في بعض المراكز الاستشارية للأسرة هي التوقعات العاطفية التي في غير محلها لكلا الزوجين من الزوج الآخر. تلك التوقعات الناجمة عن نقص عاطفي قد تكون متبقية من رواسب الطفولة والعيش في ظلّ الوالدين، ويتوقع الآن إزالتها وملأ فراغها من الطرف الآخر، وهذا ما يؤدي بهم إلى أزمات كثيرة هم في غنىً عنها. ففي مقام الاختيار، يُبتلى باختيار عجول متسرّع، ثم وبعد حصول الارتباط يتحول هذا الحب إلى نفور من الطرف المقابل بأول شرارة على ما لایرام و بأول مايرى من الطرف الآخر ما لا يرضيه.
إذن، فثاني آفة للتصور الخاطئ عن العلاقة العاطفية بين الزوجين، وبسبب توقعاتهم وانتظاراتهم المتزايدة من بعضهم الآخر، هو حصول النفور السريع و الملل فيما بينهما حتى من غير خصام و عراك، فتغدو علاقتهما عادّية باردة ويصبح كل منهما مانعا من حصول اللذة بدلا من كونه مسببا له.
قد تنقطع العلاقة الاولى في كثير من الدول التي تحكمها الثقافة الغربية. لأن نساءهم و على أمل الحصول على علاقة عشق قوية تخضع وتستسلم لأول ارتباط ثم بعد ذلك تُطرد من قبل الرجل بعد أن يتبين لها أنها كانت مخطئة، لا أنهما سينفصلان بظروف منطقية و معقولة. ثم تبدأ المرأة بعدها بالانتقام من الجنس المخالف. وهذا الانتقام يشكل اليوم أسلوبا رائجا وأزمة عامّة وشاملة في الغرب لايمكن الدخول في تفاصيلها وجزئياتها لأن أدبنا الإسلامي لا يسمح بذلك.
لنتساءل لماذا تصل العلاقة الزوجية في الأسر المتدينة في الدول الإسلامية إلى البرود؟ ولماذا تصل إلى الطلاق أيضا وبنسبة عالية في بعض الدول؟ كلّ هذا لأنّ ?لّا من الزوجين يتوقع من الطرف الآخر القدر المتزايد من المحبة والتي نسميها عشقا. ماذا تعرفون عن العشق؟ صحيح أن الزوجين لابد و أن تبقى العلاقة بينهما حادّة، وصحيح أن قلبيهما لابد أن يبقى ينبض بالمحبّة، وتزداد المحبة فيما بينهما، ويفي أحدهما للآخر، بيد أنّ كل هذا شيء والعشق شيء آخر. فلا تتوقعوا العشق من هذه العلاقة. فإن كان العشق هو أشد وأرفع محبّة يمكنها أن تحيط بقلب الإنسان، فلا يمكن اعتبار العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل عشقا.
أتعلمون متى يمكن أن تتهيأ وتتّسق أرفع علاقة بين الزوجين؟ عندما يتحد وجودهما في عشق مشترك، أي عندما یحب الاثنين شيئا واحدا ويعشقونه إلى حدّ العبادة. عندئذ ستستتبّ وتستقرّ بينهما أرفع علاقة يمكن حصولها بين شخصين. وعندها يعمى كل واحد منهما عن عيوب الآخر؛ ولن تنجرّ هذه العلاقة إلى الطلاق بتاتا.
يا حبذا لو يتمّ الإعداد لرواية أو فيلم يصوّر علاقة عاطفية متعادلة بين شخصين لا يشعر أحدهما بضائقة ونقص عاطفي ولايخلط بين العلاقة والعشق ولايتوقع أحدهما من الطرف الآخر توقعات عاطفية زائدة عن اللزوم، ونرى في هذا الفيلم أو القصة جمال المحبة التي تربطهما، ومقدار اللذة التي يحصلون عليها من هذه المحبّة، وكم يشكل أحدهما سببا لسكينة الآخر وراحته واطمئنانه. فهل قرأتم في حياتكم مثل هذه القصة؟ وهل رأيتم مثل هذا الفيلم؟

العشق في الغرب

لنرى هل تبقّى في الغرب شيء باسم العشق؟ نشاهد اليوم في الثقافة الغربية المنحطّة وقوع أكثر الحوادث إجراما في أجواء العلاقة بين المرأة والرجل. لماذا شاعت المثلية اليوم في الغرب؟ ولماذا أصبحت الحياة هناك باردة مصحوبة بالوحدة؟ ولماذا نجد نظرة الغرب إلی الزواج قد تنزّل وانجرّ إلى حد الحاجة المادية لاغير؟ لماذا حصل كل هذا؟ فهؤلاء أكثر من غيرهم يدقّون على وتر العشق؟ وهؤلاء أكثر من غيرهم يغنون أناشيد الغرام؟ وهؤلاء أكثر من غيرهم يعدّون العلاقة الزوجية علاقة عشق وغرام؟ فلماذا إذن لم يتفشّ العشق بينهم و ينتشر؟

النقص العاطفي بلاء العلاقة الزوجية وآفتها

يجب على الشخص المقبل على الزواج أو حتى قبل أن يقرّر على الزواج أن يعالج نقصه العاطفي؛ وإلا سينفعل ويرتبك لأقل محبة من الطرف الآخر؛ ويرى الذرّة منها بحرا فتذهب حرارة المحبة الأولى عند هؤلاء الأشخاص بعد عدة أيام، وتتحول إلى برود مقيت يورّث عنده أزمه نفسية، كما أن الحرارة الأولى أيضا تورّث عنده نفس هذه الأزمة.
ما يجدر ذكره الآن هو إن النساء غالبا ما يكنّ أكثر سيطرة من الرجال في هذا المجال؛ لأن البنت أكثر من الولد يحصل عندها الإشباع من المحبة في بيت أبيها، وهذا هو المفروض. لذلك تجعل هذه السيطرة في البنت القدرة على الاختيار أكثر من الولد. راجعني طالب جامعي في يوم من الأيام وقال لي: أنا مشرف علی الزواج وعندي خطيبة، والأهل على اطلاع بهذا الأمر وقد تمّ بينهما المحادثات الأوليه لكنها لم توافق لحد الآن، وتقول لا يمكنني العيش معك. وبما أنها تكّن لك الاحترام وتسمع كلامك، فأرجو أن تكلمها و تُقنعها.
وبعد أن جاءت خطيبته عرضت عليّ مشكلتها بقولها: هذا الرجل يقول لي أنا أعشقك وأهِيم بك ولا أستطيع أن أعيش لحظة واحدة من دون أن أراك وإلى غير ذلك من الكلمات، وأنا لا أرى في نفسي شيئا يستحقّ هذا الاهتمام وأعلم بأنه يتصرف هذا التصرف بسبب النقص العاطفي المبتلى به؛ فهو الآن منفعل جدّا وأنا أعلم بأنه سيفتر بعد فترة قليلة؛ لأنه سيحمل كلّ ما عنده من نقص عاطفي إلى حياتنا المشتركة، فأنا على علم بأني وبعد الزواج لا أقدر حتى على القيام بتصرّف عادي.
كانت تقول: أنت تعلم بأنّ منقذ الغريق يلزمه الحذر الشديد لكي لا يجرّه الغريق إلى داخل الماء. فهذا الخطيب يجرّ منقذه إلى داخل الماء من شدّة خوفه وارتباكه؛ إذ إن تصرفاته معي هكذا. قالت: أنا أحبّه ويحبّني، ولكن ماذا تعني كلمة أنني لا أستطيع التنفس بدونك؟ فكأنه لم ير إمرأة في حياته؛ فكم هو ضيّق القلب بحيث يغيب عن الوعي ويرتبك لأقل محبّة. على كل حال، لابدّ وأن ننظر للعلاقة العاطفية بين الزوجين، بشكل معقول و النساء أقدر على ذلك من الرجال.
لابدّ وأن لا نجعل هذه العلاقة هي المحور بشكل إغراقي؛ فلا نحملها أكثر من طاقتها ولا نتوقع منها أكثر مما تحتمل؛ وإلا تذهب بسرعة و تطرحنا أرضا.

07-05-2013 08:03 صباحاً
icon الأبعاد الثلاثة للعلاقة الزوجية 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
البعد العاطفي

الحب بين المرأة والرجل، نوع حبّ يمكن إظهاره

لقد أودع الله سبحانه بين المرأة والرجل جاذبية أشار إليها في القرآن الكريم بقوله «وَجَعَلَ بَیْنَ?ُم مَّوَدَّةً وَ رَحْمَةً». والمودّة هي نوع خاص من الرحمة.

المحبة والمودة

أ تعلمون ما الفرق بين المودة والمحبة؟ المودة هي ما تظهر على اللسان أما المحبة فتنتقل عبر العين وحسب.
إن الله سبحانه قد فرض علينا مودة اهل البيت (عليهم السلام)، وهذا يعني وجوب إظهار محبتنا لهم. فلو رأينا الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لابدّ أن نقول له «روحي لك الفداء»، لا أن نكتفي بمحبّة العين والقلب. صحيح أن قلوبنا تنبض بمحبته (ع) بيد أنه يلزم إظهار هذه المحبة وجريانها على الألسن. ألم تسألوا أنفسكم لماذا نحن نبكي على الإمام الحسين ونصرخ بأعلى أصواتنا ونلطم على رؤوسنا وصدورنا؟ أ وليست هذه من مصاديق إظهار المحبة؟ أ وليست هذه من المودة؟

المحبة بين المرأة والرجل، هي من النوع المحبة الظاهرة

لقد جعل الله بين المرأة والرجل مودة ورحمة. ولهذه العبارة معنيان: أحدهما توصيفي والآخر تكليفي. فالمعنى التوصيفي؛ هو لو حصلت بين المرأة والرجل محبة فلا بد وأن تظهر في يوم من الأيام، لأن نمطها من النوع الظاهر. أما المعنى الآخر فهو إذا حصلت بين المرأة والرجل علاقة عاطفية فلابدّ من إظهارها للطرف الآخر والتعبير عنها. لقد ورد في رواياتنا أنه لابدّ للزوجين أن يتبادلا بينهما الحبّ والمودّة، ينبغي أن يصرّحا بهذا الحبّ مع بعض لا أن تكون العلاقة بينهما باردة كالثّلج.
هل سمعتم برسالة الإمام الخيمنىي (ره) لزوجته أيام سفرته إلى لبنان، فقد أرسل لها رسالة من هناك تفوح بروائح المحبّة و المودّة وتمتلئ بتعابير الودّ والشوق واللهفة. إن هذه الأمور من وصايا ديننا الحنيف المؤكّدة. فلا بد أن تبقى العلاقة بين الزوجين متوقدة دون أن يطرأ عليها البرود والفتور. ولا بد من إظهار هذه المحبة والإسفار عنها.
أشير هنا إلى موضوع بالمناسبة ثم أتناول الخطأ الشائع في مجال البعد العاطفي بين المرأة والرجل. أما الموضوع الأول فهو، عندما تقع محبة شخص في قلب شخص ثان ولايمكنه الوقوف أمامها أو لايمكنه إخراجها من قلبه، فلو كانت هذه المحبة للجنس المخالف فما لم يبدها لأحد ومالم يقم بتعزيزها ومالم تجرّه إلى المعصية، لايمكن عدّها شيء سيئ. ولا يمكن لأي أحد أن يؤاخذه عليها.
فقد ورد في الروايات ما معناه: لو أن شخصا أحبّ شخصا آخر وامتنع عن إظهار هذا الحب بأسلوب غير لائق ولم يوقعه هذا الحبّ في محرّم، یغفر له أو يحشر يوم القيامة بمقام الشهداء.[1] فإنه سوف ينال مثل هذا المقام عند الله.

هل تتّسع العلاقة بين المرأة والرجل للعشق والغرام؟

أما الخطأ الذي يحصل في البعد العاطفي فهو: الخلط بين المحبة و العلاقة بين الزوجين و التي هي جنس محبة يمكن إظهارها و الإسفار عنها كما لابدّ من إظهارها، وبين مفهوم آخر باسم «العشق» فهل تعلمون ما العشق؟ هو نوع عاطفة تسخّر قلب الإنسان بكامله لها. أصبحت اليوم العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل، تعتبر المصداق الكامل والأتم لهذا المفهوم ما أدّى هذا الخطأ وهذا الخلط إلى إيجاد نفور شديد وكثير من الاضطرابات والأزمات في علاقة الزوجين معا.
لا يمكن أن تحصل هذه المحبة العالية (العشق) بين إنسانين عاديين. فلماذا نزعج أو نخدع أنفسنا؟ فلايمكن لأي علاقة بين الرجل والمرأة حتى في أحسن حالاتها العاطفية أن تصل إلى أعلى هيجان المحبّة. فهذا ما لا يمكن على الإطلاق. فلا يمكن لهذه الكميّة الواسعة من المحبة، أي العشق أن نضعها موضع العلاقة بين الزوجين. نعم، يمكن أن نتصور علاقة بينهما مملوءة بالمحبة الشديدة بحيث تجعل أحدهما مستعدّا لأن يفدي نفسه للآخر، لكنه يبقى حبا وليس عشقا. لأن العشق شئ آخر. فالعشق الذي يقول:

وتلافي إن كان فيه ائتلافي بك عجّل به جعلت فداكا



لا يمكن أن يكون بين إنسانين، ولايمكن أن يتحقق بين المرأة والرجل. نعم قد نسمع في بعض القصص والروايات أو في بعض الأفلام ما يشبه ذلك كما في فيلم «تيتانيك» بأن تحصل ظروف خاصّة يفدي فيها المرء نفسه لشخص آخر، لكنها غير مقتصرة على العلاقات الزوجية؛ فالشرطيّ أيضا فد يفدي نفسه في سبيل نجاة طفل من الحريق أو من أي خطر آخر. بيد أن هذا الفداء لا يحتاج إلى علاقة عشق و محبة. إن الخلط بين العلاقة العاطفية بين الزوجين و بين العشق وما يؤديه من تبعات، فهو مخطط صهيوني فرض على ثقافتنا وعلى الثقافة المسيحية أيضا. فقد أوجدوا هذه المسألة للخلط بين مفهوم العشق ومفهوم العلاقة العاطفية بين المرأة والرجل وقد جعلوا هذا العشق بطبيعة الحال مقصورا ومتجليا في العلاقة الجنسية لا غير.

يتبع إن شاء الله...

[1]. «من عشق فكتم وعف وصبر فمات مات شهيدا». راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج20، ص233؛ «من عشق وكتم وعفّ غفر الله له وأدخله الجنة». راجع منهاج النجاح في ترجمة مفتاح الفلاح، المقدمة2، ص87.

الصفحة 2 من 2 < 1 2 > الأخيرة





الساعة الآن 11:14 PM