أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في JO1R FORUM | منتديات شباب و صبايا الأردن، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

نتائج البحث عن ردود العضو : حنفاء

نتائج البحث عن ردود العضو : حنفاء



نتائج البحث عن ردود العضو :حنفاء
عدد النتائج (57) نتيجة
07-07-2014 08:49 صباحاً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة 4-2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
لابدّ أن نبرمج في سبيل ترك عاداتنا السيئة. لابدّ أن نتعرف على عاداتنا السيئة ونشخصها أولا، وبعد ذلك نسعى لمحاربتها وتغييرها. فليستعن الرجال والنساء بأزواجهم في مسار ترك عاداتهم السيئة. وليستعن الأولاد بآبائهم وأمهاتهم في سبيل ترك عاداتهم السيئة.
يقول أمير المؤمنين(ع): «خالِف سوءَ عادَتِكَ تَزْكُ نَفْسُك»[غرر الحكم/ص338/ح44] وأنتم تعلمون أن تزكية النفس تمثل أحد الأهداف العالية في رسالة الأنبياء. وفي المقابل إن لم يحارب أحد عاداته السيئة ولم يهذب نفسه، تفضحه عاداته السيئة وتذهب بماء وجهه. «مَنْ لم یُهَذّبْ نَفْسُهُ فَضَحَهُ سُوءُ العَادَة»[غرر الحكم/ص666/ح1517]

إن الجوع لنعم العون على كسر العادات والسيطرة على النفس/ يتيسر لنا تغيير عاداتنا وأخلاقنا السيئة في شهر رمضان

من هنا بودّي أن انطلق إلى موضوع دور العبادة ولا سيما الصيام في عاداتنا وأسلوب حياتنا لأرى ما هو دورها في أسلوب الحياة. يقول أمير المؤمنين(ع): «نِعمَ العَونُ على أسرِ النَّفسِ وَكَسْرِ عادَتِها التجوّع»[عيون الحكم/ ص494].
إن الصوم يمنح الإنسان قوّة يقدر بها على تغيير عاداته. ولهذا يتيسر لنا تغيير عاداتنا وأخلاقنا السيئة في شهر رمضان.
إن صوم شهر رمضان والضعف الذي يلحق بالإنسان إثر ذاك الجوع يعين الإنسان على تغيير عاداته الكلامية والسلوكية. كما أن أجواء شهر رمضان وخصائصه الأخرى أيضا تعيننا في هذا المسار، فعلى سبيل المثال من المحبّذ جدا أن تكون وجبة طعامنا في أول الليل وبعد المغرب مباشرة، إذ إن الأكل في آخر الليل مضرّ جدا. ويا حبّذا لو احتفظنا بهذه العادة بعد شهر رمضان أيضا ونتعشّى في أول الليل.

إن حذف وجبة الغداء من برنامج الطعام اليومي من العادات الحسنة التي يعطيها لنا شهر رمضان/ على أساس رواياتنا تكفي جسم الإنسان وجبتا الفطور والعشاء في الصبح والمساء

من العادات الحسنة التي يعطيها لنا شهر رمضان هي أنه يمنعنا من تناول الطعام أثناء النهار ويحذف وجبة الغداء من البرنامج، فيا حبذا لو استمرنا على هذه العادة بعد شهر رمضان أيضا وحذفنا وجبة الغداء من البرنامج، فنكتفي بأكل بعض الفواكه ظهرا؛ حيث قد جاءت بعض التوصيات في الروايات أن اكتفوا بوجبتي الصبح والعشاء «شَ?َوْتُ إِلَى أَبِی عَبْدِ اللَّهِ ع مَا أَلْقَى مِنَ الْأَوْجَاعِ وَ التُّخَمِ فَقَالَ لِی تَغَدَّ وَ تَعَشَّ وَ لَا تَأْ?ُلْ بَیْنَهُمَا شَیْئاً فَإِنَّ فِیهِ فَسَادَ الْبَدَنِ أَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ یَقُولُ- لَهُمْ‏ رِزْقُهُمْ‏ فِیها بُ?ْرَةً وَ عَشِیًّا»[الكافي/ج6/ص288]. كما جاء في رسالة توضيح المسائل للإمام الخميني(ره) في المسألة 2636: «...الخامس عشر: أن يأكل في أول النهار وأول الليل ولا يأكل بين النهار وبين الليل شيئا». ولكن قد اعتدنا مع الأسف على أن نأكل ثلاث وجبات في اليوم وتعوّدنا على وجبة الغداء ونتصور أن جسمنا بحاجة إليها.
واحدة أخرى من العادات الحسنة التي يقدّمها لنا شهر رمضان، هي الاستيقاظ عند السحر. طبعا لعلّ أكثر ما يوقظنا عند السحر في شهر رمضان هو تناول السحور، ولكن يا حبّذا لو استمرنا على هذه العادة بعد هذا الشهر المبارك حيث إنها سوف تجلب لنا بركات كثيرة جدا.

الإنسان الأكّال عاجز في عملية تغيير عاداته السلوكية/ إن الجوع بحدّ ذاته يقوي الروح على مجابهة العادات وتغييرها

إن شهر رمضان وعبر تغييره المباشر لبرنامجنا اليوميّ، بات يصلح بعض عاداتنا الخاطئة، ولكن مضافا إلى هذا نفس الجوع ذاته سواء أكان جوع الصيام أو غيره يقوّي روح الإنسان ويمكّنه من تغيير عاداته. فإن الإنسان الأكّال عاجز في عملية تغيير عاداته السلوكية.
إن الجوع يزيد من قوة روح الإنسان ويعينه على تغيير عاداته. قللوا من أكلكم لفترة وشاهدوا آثاره على أنفسكم. هناك وصيتان رائعتان وصلت إلينا في هذا المجال وهي أن لا يأكل الإنسان ما لم يجع، ويكفّ عن الطعام قبل أن يشبع. فقال أمير المؤمنين (ع): «لا تجلس عن الطعام إلا وأنت جائع ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه.»[وسائل الشيعة/ج24/ص245]

لقد بلغ التعود على الشبع لدى البعض إلى درجة بحيث يغضب وتسوء أخلاقه إن جاع

إن الإنسان العاجز عن تحمل الجوع لا يقدر على تغيير عاداته الأخلاقية والسلوكية والكلامية. فتجد بعض الناس ـ وللإسف ـ قد بلغ به التعود على الشبع إلى درجة بحيث يغضب وتسوء أخلاقه إن جاع! وكأنه لم ينو في طول عمره أن يجرب الجوع ويتحمّله. بينما حري بالإنسان أن يرحّب بالجوع ويشكر الله على توفيق الجوع في ضيافة شهر رمضان.

يدفع الجوع كثيرا من سموم البدن

بغض النظر عن الآثار والبركات التي يتركها الجوع في روح الإنسان، إنه مفيد لجسم الإنسان أيضا ولا سيما في أيّام الصيف الطويلة حيث إنه يدفع كثيرا من سموم البدن ويطهّره من كثير من التلوثات. يقول بعض الأطباء: إن رائحة فم الصائم علامة لدفع كثير من سموم البدن. وقد قال رسول الله(ص): «صوموا تصحّوا»[دعوات الراوندي/ص76] وقد تحدث الأطباء كثيرا ولا سيما في الآونة الأخيرة عن فوائد الجوع على جسم الإنسان.

حققوا جيدا وتأكدوا من كون الصيام مضرا لكم/فعسى أن يكون الصيام سببا للشفاء من أمراض كثيرة

ينبغي للإنسان المريض أن يحقّق ويتأكد من كون الصيام مضرّا لمرضه ولا يكتفي بقول طبيب واحد. إذ في كثير من الأحيان ليس الجوع والصيام مضرا للمريض فحسب بل إنه مفيد، وعسى أن يكون سببا للشفاء من أمراض كثيرة. فقد قال الإمام الرضا(ع): «الحمية رأس كل دواء»[فقه الرضا/ص340]. ولهذا إذا منعكم الطبيب عن الصيام، ينبغي لكم أن تحققوا في الموضوع أكثر فلعلّ طبيبا آخر لا يمنعكم عنه بل يعتبره مفيدا لمرضكم.
حتى سمعت بعض الأطباء أنّ مشكلة الكلى ليست من قلة شرب الماء والعطش، بل لها أسباب أخرى. طبعا وبالتأكيد إن منعكم الطبيب من الصيام واطمأنتم بصحة قوله لا يجوز لكم الصيام وهذا هو حكم الإسلام. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ علينا بالصحة والعافية لئلا نحرم من بركات الصوم وإذا كان لابدّ من الأمراض فأسأله أن يجعل شفاءها في الصوم والحمية.


يتبع إن شاء الله...
06-07-2014 08:25 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 19 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 

إن هذه الآية المباركة (وَ لا تَكُونُوا كَالَّذينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُم‏)[الحشر/19] لا ترتكز على قضية العلم، بل الموضوع المهم والرئيس في هذه الآية هو الذكر والنسيان. إننا نعرف أشياء كثيرة ولكننا ننساها. فإن نسينا الله، سوف ننسى حتى مصالحنا وما ينفعنا ونعجز بعد ذلك عن ذكرها.[FONT="][/FONT]
03-07-2014 01:05 مساءً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة 4-1 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
بين يديك أيها القارئ الكريم ملخص الجلسة الرابعة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «دور العبادة في أسلوب الحياة» حيث ألقاها في مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة طهران، في شهر رمضان عام 1434هـ. وهي وإن كانت تنطوي على بعض الأبحاث الخاصة في شهر رمضان ولكنّها لا تخلو من الكثير من المفاهيم العامّة والمفيدة لجميع الأزمنة، كما إنها تذكّرنا بأيام شهر رمضان والأجواء الروحانية التي كنا نعيشها في تلك الضيافة الرائعة.

ما يقال بأني لا أريد أن أتعود على العمل الصالح الفلاني فليس بصحيح/ بل لابد أن نتعوّد على الأعمال الصالحة

ليست العادة أمرا مذموما على الإطلاق، فما يقوله البعض من أني لا أريد أن أعتاد على هذا العمل الصالح أو ذاك فليس بقول صحيح. بل بالعكس، حيث تؤكّد الروايات على ضرورة تعوّد الإنسان على الأعمال الصالحة. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «عوّدوا أنفسكم الخيرَ»[الخرائج والجرائح/ج2/ص596]
طبعا وبالتأكيد لابدّ أن نحترز عن العادات السيئة، كما أن التعوّد على الأعمال الصالحة لا يخلو من بعض الآفات والسلبيات وسوف أشير إلى بعض هذه الآفات في تكملة البحث.

هناك جهات تبرمج لمختلف عاداتنا من الزيّ والطعام والكلام والعلاقات إلى غيرها من العادات

إن لم نبرمج لعاداتنا بأنفسنا، فهناك جهات أخر وراء الكواليس تبرمج لعاداتنا من إبليس الرجيم إلى الصهاينة وباقي شياطين الثقافة الذين يبرمجون لعاداتنا وأسلوب حياتنا في مختلف أرجاء العالم.
فترى في كثير من الأفلام يحاولون أن يعوّدونا على بعض الأعمال الباطلة والفارغة التي نحن أجلّ شأنا منها. إنهم يخططون ويبرمجون بشكل جادّ من أجل أن نتعوّد على بعض الأزياء وبعض الأطعمة وبعض العلاقات وبعض أساليب الكلام.
فإن لم نبرمج لعاداتنا السلوكية التي هي أحد وجوه أسلوب الحياة، تأتي جهات أخرى وتقوم حينئذ بهذا المهمّ. وحتى بغض النظر عن تلك الجهات ولا سيما الصهاينة الذين يخططون في سبيل حرف أسلوب حياة شعوب العالم إلى ما يشاؤون، فحتى لو لم نأخذ هذا العامل بعين الاعتبار، إن نفسنا الأمارة بحدّ ذاتها مستعدة لتعودينا على بعض السيئات.

لابد أن نكون في مقاومة مستمرة أمام تبلور العادات السيئة في وجودنا

لابدّ أن نكون في مقاومة مستمرّة أمام تبلور العادات السيئة في وجودنا. حيث تتبلور بعض العادات في نفوسنا تلقائيا ولن نقدر على اجتثاثها بعد، فنصبح كالأسرى بيدها. فإن أهمل الإنسان نفسه، تتبلور العادات في كيانه بلا إرادة. وإذا لم نراقب أنفسنا ما هي إلا فترة وإذا بالعادات السيئة والخاطئة نجدها تحيط بنا وتكوّن شخصيتنا بمقتضاها.
فعلى سبيل المثال ما أكثر الأشخاص الذين لا يقدرون على دفع التثاؤب عن أنفسهم بسبب عادتهم فلا يستطيعون أن يسيطروا على أنفسهم أمام الآخرين، ولكن ينقل عن الإمام الخميني(ره) أنه لم ير أحد تثاؤبه أبدا، فإنه كان قد سيطر حتى على تثاؤبه.

العادات السيئة تقف مانعا أمام التوبة الصحيحة، إذ تفرض على الإنسان أن يرجع إلى ما تعوّد عليه/ إن ترك العادة أشبه بالمعجزة

أحيانا نجتنب عن بعض السيئات مخافة أن يلحق بنا ضررها الأخروي أو خشية على سمعتنا، وكلا الدافعين جيدان. ولكن هناك دافع آخر حري بنا أن نجتنب السيئات بسببه، وهو أن نجتنب السيئات مخافة أن نتعوّد عليها. فإذا اعتاد الإنسان على سيئة ما، سوف لا تكون توبته عنها توبة صحيحة، وإذا تاب يرجع إلى تلك المعصية مرة أخرى، إذ قد تعوّد عليها.
إن حياتنا مليئة بمختلف العادات، فحري بنا أن نكون على حذر شديد من التورط بالعادات السيئة إذ إن ترك العادة أشبه بالمعجزة «ردُّ المُعتادِ عَن عادَاتَهِ كالمُعجِز»[تحف العقول/ص489].

بعض العادات الشائعة

من العادات السيئة التي تورط بها كثير منا هو أننا اعتدنا على أن ننام حتى يوقظنا أحد أو يوقظنا جرس الساعة، وكذلك تعودنا على أن نأكل حتى نشبع تماما. أو أننا اعتدنا على أن نستمع أيّ حديث فقد أطلقنا سراح سماعنا ليسمع ما يشاء. أو اعتاد بعض الناس على مشاهدة أي فيلم ومسلسل، بينما ينبغي للإنسان أن يرى هل هذا الفيلم صالح وهل ينفعه أم لا، وهل هناك ضرورة لمشاهدته أم لا، أوليس له عمل أكثر ضرورة من الفيلم. وهل هذه الساعة هي ساعة استراحته ونزهته، فلابدّ أن نأخذ بعين الاعتبار كثيرا من هذه الملاحظات.

إن ترك العادات السيئة من أفضل العبادة/ لابدّ أن نبرمج من أجل ترك العادات السيئة

يقول أمير المؤمنين(ع) في أهمية مواجهة العادات السيئة: «أفضَلُ العِبادَةِ غَلبَةُ العَادَةِ»[غرر الحكم/ص187/ح45] إذن لابدّ أن نسعى ونكسر عاداتنا الباطلة، وإن كسر هذه العادات التي هي من الصعوبة بمكان حيث عبروا عنها بأنها كالمعجز، أفضل عبادة.

يتبع إن شاء الله...
02-07-2014 03:58 مساءً
icon فطائر ومعجنات فكرية 18 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 

لابدّ للدين أن ينتج قوة لأمّته ويمدّ المؤمنين بالقوّة. إن الدين الذي يضعّف المجتمع ليس بدين سالم بل هو دين محرّف، إذ على رأس عوامل القوّة في الفرد والمجتمع هو الدين. طبعا إن القوّة التي ينتجها الدين السالم، تكون قوة سالمة، وفي المقابل الدين الفاسد ينتج قوّة فاسدة.[FONT="][/FONT]
02-07-2014 11:08 صباحاً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة 3-3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
أحد أسباب التأكيد على «حمد الله» هو أهمية النظرة الإيجابية والابتعاد عن التشاؤم/ أراد الله أن نعتاد على النظرة الإيجابية، بيد أننا عوّدنا أنفسنا على النظرة السلبية والتشاؤم/ السورة الوحيدة الواجبة في القرآن هي سورة الحمد

أحد أسباب تأكيد الإسلام على الشكر وإظهار الشكر باللسان وت?رار ذكر «الحمد لله»، هو أهميّة النظرة الإيجابية والتفاؤل بالخير وعدم التعوّد على التشاؤم والنظرة السلبية في الحياة.
لقد أراد الإسلام أن نعوّد لساننا على ذكر الخير وتسليط الضوء على المحاسن والإيجابيات وحمد الله. السورة الوحيدة الواجبة في القرآن الكريم هي سورة الحمد التي تجب قراءتها في الصلاة يوميا. وقد سميت هذه السورة بسورة «الحمد» وتبدأ بآية «الحمد لله رب العالمين». وهذا يدلّ على أنّ الله ليعوّدنا من خلال هذه السورة على الشكر والنظرة الإيجابية، بيد أنّنا وللأسف نعوّد أنفسنا على التشاؤم والرؤية السلبية.
فقد يتصور البعض أنهم لو شكروا الله بألسنتهم، سيتصوّر الله أنه لا مشكلة لهم وعليه فلا يعينهم على حلّ مشاكلهم! بينما الأمر بالعكس تماما. فعندما نشكر الله سبحانه وتعالى: يقول الله لملائكته أن عبدي قد شكرني بالرغم من معاناته كلّها، فيأمرهم بتخفيف بعض المشاكل عنّا. إذ أن الله هو أعلم منا بما نعاني منه من مشاكل، فإن التزمنا بأدب العبوديّة وشكرنا الله سبحانه في خضمّ المشاكل، سوف يزيدنا الله سبحانه من فضله وعونه. ولهذا يقول: «وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّ?ُمْ لَئِنْ شَ?َرْتُمْ لَأَزیدَنَّ?ُمْ»(إبراهیم/7).

إن لم نراقب ما نكسبه من عادات، سوف يُشقينا الشيطان بالعادات السيئة

إن لم يبرمج الإنسان لعاداته فقد دخل في مخاطرة كبيرة جدا. فإننا إن لم نبرمج لعاداتنا ولم نكترث بهذا الموضوع يهلكنا الشيطان بتعويدنا على العادات السيئة. فإن الشيطان يقول مع نفسه: يكفي لهذا الإنسان أن يمارس العمل السيئ لعدّة مرات، فعند ذلك لا يستطيع التخلّص منه ويشقى.
يتورّط الإنسان ببعض العادات السيئة ـ مع الأسف ـ بسبب الغفلة وعدم الالتفات. فعلى سبيل المثال قد يعتاد البعض على التلهّي بالنظر فإنه لم يعد يشعر باللذة بعد ما تعوّد على هذا العمل، ولكنّه يبقى يمارس هذا السلوك لعادته فقط، فتلحق هذه العادة به أضرارا وصدمات فادحة. وكذلك ترى بعض الفتيات قد تعودن على عدم الالتزام بالحجاب الكامل، فإنهن عندما تعوّدن على هذا السلوك، يصبح الحجاب أصعب عليهنّ. فقد يكون هذا الإنسان المعتاد على هذه العادات السيئة إنسانا صالحا وذا قلب نقيّ وباطن طاهر، ولكن بضع عادات سيئة في اللسان والبصر والسمع بإمكانها أن توقع الإنسان في متاهات وتلحق به أضرارا لا تجبر.

أسلوب الحياة مما يأنس به الإنسان/ تكفي بضع عادات سيئة لتَعَس الإنسان/ وكذلك من شأن بضع عادات حميدة أن تنقذ الإنسان من مهالك

لماذا أسلوب الحياة أمر مهمّ جدا؟ لأن أسلوب الحياة يعني تلك الأعمال التي يقوم بها الإنسان بشكل مستمرّ وهذا الاستمرار يؤدي إلى تبلور العادات. فأسلوب الحياة مما يأنس به الإنسان، فإننا إذا استأنسنا أسلوب ما في الحياة وكان هذا الأسلوب ينطوي على بعض السلبيات والثغرات، سيفرض هذا الأسلوب بعض العادات السيئة علينا وهي بحد ذاتها كافية لتَعَس الإنسان. ومن جانب آخر إن كان أسلوب حياتنا ينطوي على بعض العادات الحميدة في السلوك أو الكلام أو النظر، سوف تقدر هذه العادات الحميدة على إنقاذنا من بعض المهالك.

كل إنسان سوف يبحث عند موته عمّا اعتاد عليه في حياته

ترى بعض الناس قد اعتادوا على بعض الأذكار، فعلى سبيل المثال تجدهم يكررون أسماء أهل البيت(ع) عند النوازل والمصائب فيرددون ذكر «يا زهراء» و«يا علي(ع)» و«يا حسين(ع)» دائما، وهذه من العادات الجميلة جدا.
في لحظات آخر عمرنا وعند سكرات الموت سوف نعجز عن كلّ شيء ولا يصدر منّا وقتئذ إلا ما اعتدنا عليه طول حياتنا. فسوف تسكن جميع قوانا وإراداتنا إلا ما أنسنا به فلم نعد نقدر على أي عمل آخر. ولهذا ترى بعض الناس عند نزع روحهم يداومون على ذكر «یا حسین(ع)» إذ قد تعوّدوا طيلة حياتهم على أن ينادوا الحسين عند المحن والمصاعب والوحشة.
فكل إنسان سوف يبحث عند موته عمّا اعتاد عليه وأنس به في حياته. فإن أنس أحد بأمير المؤمنين(ع)، حينئذ يأتي إليه أمير المؤمنين(ع) عند مماته ويخرجه من وحشته. حيث قال أميرالمؤمنين(ع): «مَنْ‏ أَحَبَّنِی‏ وَجَدَنِی‏ عِنْدَ مَمَاتِهِ حیْثُ یُحِب‏»(صحیفة الإمام الرضا(ع)/ص86).
إن شاء الله عند مماتنا وفي تلك اللحظات الأخيرة التي يهشّ قلب الإنسان إلى ما تعلق به واستأنس به، يضيق صدرنا شوقا إلى جلسات مصائب الحسين(ع)، وإلى المسجد وإلى الصلاة.
ذات يوم في الجبهة كنت أنظر إلى أحد الشباب المجاهدين، وإذا بطلقة تصيب في قلبه، فما أن أصيب بقلبه وراح يفارق الحياة نادى ثلاث مرات، علي علي علي، ثم استشهد. هذا هو دور عاداتنا وأنسنا في آخر لحظات الحياة.
كانت الزهراء قد فارقت الحياة بحسب الظاهر، فما أن جاءها أمير المؤمنين(ع) أخذ رأسها وتركه في حجره وناداها يا زهراء فلم تكلمه، فناداها يا بنت محمد المصطفى فلم تكلّمه...إلى أن قال لها يا فاطمة كلميني فأنا ابن عمّك عليّ بن أبي طالب، فما إن سمعت فاطمة باسم عليّ، فتحت عينيها ونظرت إليه، وبكت ثم أوصته بالبكاء عليها وولديها الحسن والحسين فقالت: ابكني إن بكيت يا خيرَ هادِ/ واسبل الدمع فهو يوم الفراقِ/ يا قرين البتول أوصيك بالنسلِ/ فقد أصبحا حليفَ اشتياقِ/ ابكني وابكِ لليتامى ولا/ تنسَ قتيلَ العِدى بطفِّ العراقِ. فكأنها أقامت مجلس عزاء في آخر لحظات عمرها، ولعلها كانت تريد أن تخفّف من غليل زوجها حيث كانت تعلم أن لن يتسنّى لعليّ البكاء بسهولة بعد رحيلها، فأين يبكي بعدها أفي المسجد أم في البيت عند أطفاله، أين يبكى علي حزنا على فراق فاطمة؟...

ألا لعنة الله على القوم الظالمين.

26-06-2014 02:37 مساءً
icon فطائر ومعجنات فكرية 17 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 

إن ما يقال بأن العشق والغرام لا يستأذن أحدا ويدخل قلب الإنسان بلا مقدمة، فهو كلام غير صائب في ما يرتبط بعشق الله وأوليائه. إذ لابدّ من تهيئة مقدمات عشق الله، وحتى قد يستغرق هذا التمهيد عمرا كاملا. لابدّ من كنس القلب وتطهيره لتبلور هذا الحبّ فيه، وفي آخر المطاف لابدّ أن تخرج بنفسك من قلبك.[FONT="][/FONT]
24-06-2014 06:24 مساءً
icon فطائر ومعجنات فكرية 16 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
إن كثيرا من مظاهر سوء الأخلاق والآلام الروحية بين الناس، بسبب أنهم لم يعشقوا. إن العشق يطمئن قلب الإنسان ويجعله رؤوفا. إن كان حب الإنسان العاشق عميقا، يشعر بأنه قد نال كلّ شيء، فبدلا من أن ينشغل بعيوب الناس ينشغل بحسن حبيبه ويغرق في لذة الأنس بحبيبه.[/FONT]
[FONT=Arial][SIZE=5][/SIZE]
23-06-2014 12:12 مساءً
icon رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 9 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
اقتصاد الأسرة

وصيتي للرجال أن يكونوا أسخياء. فليس من الصحيح أن يكون الرجل بخيلا؛ بل ينبغي أن يكون من أهل الصرف والشراء وأن تشعر زوجته بهذا الأمر. على أن يكون أساس صرفه لإلقاء السرور على قلب زوجته. حتى لو استقرض مالا في سبيل هذا الأمر، فلا مانع من ذلك.

لكن توصيتي للنساء، أن لا تدعوا أزواجكم يضطرون للإقتراض، فالتي لاتعمل ما يؤدي بزوجها إلى الدين، قد أثبتت استحقاقها وجدارتها لله ولخلقه أكثر من ذي قبل. حياة الزهد حياة جميلة جدا. إجعلوا تجهيزكم للزواج يتم شيئا فشيئا. فلا تشتروا في أول حياتكم ثلاجة ذات بابين (سايد باي سايد) حتى لو كانت عندكم القدرة المالية. فلا شك أنكم لا تحتاجون إليها أول الزواج، وستحتاجون إليها في مراحل لاحقة بعد ذلك. فلو استطعتم أن تكتفوا أول الزواج بالموكيت ثم بعد ذلك بالسجاد الآلي ثم بعدها بالسجاد اليدوي، كان ذلك أفضل، ويساعد على تمتعكم بالحياة أكثر.
فلو وفرتم كل ما تحتاجون إليه، في أول حياتكم المشتركة، بعد ذلك لا تعلمون ماذا تصنعون لازدهار حياتكم وانتعاشها. فالزهد برنامج يجعل الحياة الزوجية جذابة. هذه، تعاليم الإمام السجاد عليه السلام وتوجيهاته.

البساطة في الحياة جميلة جدا

إعلموا إن من يعترض على حياتكم الابتدائية الزاهدة، فإنه يحسدكم على سعادتكم. فلا تهتموا كثيرا لطعون الآخرين. كما أذّكر وأقول؛ إعلموا إن بعض العوائل وبعض الأقرباء قد يكون عندهم حب الاستطلاع وحب التدخل في حياة الآخرين. فعليكم بمخطط كلي، لضبط هذا التدخل في حياتكم. فلا الرجل ولا المرأة يأتي بكلام الآخرين داخل البيت. فعلينا التصميم مرة واحدة، لكن إلى الأبد، وهو لا ندع الآخرين يتدخلون في حياتنا، ولا ندع أحد يهدّم صرح معيشتنا.



23-06-2014 08:59 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 15 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 

إذا أردنا أن نملأ قلوبنا حبّا لله، لابدّ أولا أن نفرغها من حبّ أشياء كثيرة. إن قطع التعلق عن الدنيا أمر عسير ولكن إن انقطع هذا التعلق، ينعقد القلب بالله بسهولة. متى ما بدأت بقطع التعلق عن الدنيا يبدأ الله بجذبك وإلقاء حبّه في قلبك.[FONT="][/FONT]
21-06-2014 09:30 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 14 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
إنّ إحساس الله والشعور بوجوده بعمق، أمر صعب وبحاجة إلى زمن طويل، ولكن إن توجّه الإنسان إلى الله واستطاع أن يشعر به، سوف لن يغفل عنه حتى لآن واحد. من الممكن أن يعيش الإنسان بلا أن يكوّن علاقة مع ربّه، ولكن إن حدثت هذه العلاقة فبعد ذلك لا يستطيع الإنسان أن يتركها.
16-06-2014 09:34 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 13 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 

لا يأت الاطمئنان عبر نسيان ذنوبك الماضية، أو الغفلة عن الموت والعقاب في المستقبل. إن الغفلة عن الماضي والمستقبل لا ينتج سوى اطمئنانا سطحيا وكاذب. أما الاطمئنان العميق والحقيقي فهو في أن تتحدث مع عن ماضيك ومستقبلك وتناجيه مرارا وكرارا. ثم يأت الله بنفسه ويثبّت فؤادك ويلطف بك.[FONT="][/FONT]
08-06-2014 02:53 مساءً
icon فطائر ومعجنات فكرية 12 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
إذا تلقّى الطفل في السنين السبع الأولى من عمره محبة وحنانا بالقدر الكافي، سوف لا يعتبر أوامر والديه ومعلّمه التأديبية في السنين السبع الثانية قلةَ محبة. على أساس الروايات، إن السنين السبع الثانية من عمر الإنسان هي مرحلة التأديب وتلقي الأوامر والنواهي. فلا ينبغي أن نترك تأديب أولادنا بذريعة المحبّة، فلا منافاة بين المحبة والعطف وبين التأديب.
01-06-2014 09:45 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 11 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
يبدو أن الله قد قدّر للجيل الذي ينشأ في آخر الزمان أن يكون أكثر نورانية وبركة، لأن الأسرة المؤمنة التي تعزم على إنجاب الأطفال بدافع ضرورة تكثير النسل في الأمة الإسلامية وبنية إطاعة أمر الولي، سوف يكون لنيتها أثر أيجابي على أولادها. وأنتم سوف تشاهدون هذا الجيل النوراني والمبارك إن شاء الله.
28-05-2014 08:51 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 10 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
من الصعب جدا أن نقوم بالشؤون العادية في الحياة بنية خالصة وفي سبيل الله، أما الآن فقد سنحت هذه الفرصة لنتزوج وننجب الأطفال في سبيل الله، إذ أن تكثير النسل أصبح ضرورة حياتية للمجتمع الإسلامي. إنها لفرصة ذهبية تمكّن للشابّ المؤمن أن يكوّن أسرة ويكثّرها في سبيل الله.
19-05-2014 01:51 مساءً
icon فطائر ومعجنات فكرية 9 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 

إن من حساسية أمر النفاق هي أن لا يمكن ولا ينبغي أن نرمي أحدا بالنفاق بسهولة. إذ إن انكشف نفاق امرئ فليس بمنافق بعد، بل أصبح كافرا. ولكن ما دام لم ينكشف كفره ينبغي أن يعتبر مؤمنا على أساس ظاهره ومدّعاه. ولكن بإمكاننا أن نشخّص السلوك النفاقي[FONT="][/FONT]
14-05-2014 08:36 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 8 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
   
إن ما يمارسه المنافقون من عداء غير مباشر مع الدين ولا سيما الولاية، ممّا سبّب أمرّ أحداث تاريخ الإسلام. إذ يجب على المؤمنين أن يتعاملوا مع النفاق بنجابة ولطف، وهذا ما قد استغلّه المنافقون على مرّ التاريخ. فإن استطاع الناس أن يشخّصوا هذا العداء غير المباشر منذ نشأته، يتضاءل النفاق وإلّا فقد يقضي على المجتمع الإيماني.[FONT="][/FONT]
07-05-2014 03:39 مساءً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة 3-2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
التعود على إفشاء السلام مدعاة إلى زوال كثير من السلبيات

كم أن أحكام الإسلام من الوسعة بمكان وكم حاولت أن تعوّدنا على العادات الجيّدة. فعلى سبيل المثال كم جاءتنا وصايا في إفشاء السلام. فقد قال الإمام محمد الباقر(ع): «إن الله عز وجل يحب إفشاء السلام»(الكافي/ج2/ ص645). فإن هذه العادة بحد ذاتها تحمل آثارا وبركات كثيرة وتستطيع أن تقضي على الكثير من السلبيات الأخلاقية والعلاقات الاجتماعية والمشاكل النفسية في الإنسان. فإنكم إن تعوّدتم على إفشاء السلام، واعتراكم غرور من جانب، تأتي عادتكم هذه ولن تسمح بالغرور أن يظهر على سلوككم فتفرض عليكم أن تفشوا السلام بتواضع. فهذه العادة البسيطة في الواقع وقفت مانعا أمام ظهور الغرور وبالتالي سوف يضعف غروركم تلقائيا عندما لا يجد سبيلا لظهوره.

كل الخير والصلاح في حسن العادة/ لقد اشتهر بيننا مع الأسف أن العادة غير مطلوبة

يقول أمير المؤمنين(ع): «?َفَى‏ بِفِعْلِ‏ الْخَیْرِ حُسْنُ‏ عَادَة» (غررالح?م/ص520/حدیث36) وهذا ما يحكي عن أن الخير كله ينال بحسن العادة.
وقال أمير المؤمنين(ع) في حديث آخر: «عَوِّدْ نَفْسَ?َ‏ السَّمَاحَ‏ وَ تَخَیَّرْ لَهَا مِنْ ?ُلِّ خُلُقٍ أَحْسَنَهُ فَإِنَّ الْخَیْرَ عَادَةٌ» (تحف العقول/ص86). فبالرغم من كثرة الروايات التي أكّدت على كسب العادات الحميدة ولكن للأسف قد اشتهر بيننا أن «العادة غير مطلوبة أو عندما يتحول سلوك ما إلى عادة فهو أمر غير ممدوح». نعم! إنّ كسب العادة السيئة عمل سيئ بلا ريب، وحتى بعض العادات الجيدة قد تشكّل مانعا أمام الإنسان من التطور والارتقاء، ولكن يفترض في بداية الأمر أن نلتفت إلى الجوانب الإيجابية وبركات العادات الحسنة، وبعد ذلك نتطرق إلى آفاتها الاحتمالية.

إحدى العادات السيئة الرائجة هي التذمّر والتأكيد على تدهور أوضاع المجتمع وأنها تذهب من سيئ إلى أسوأ!

الإنسان أسير عاداته حقا. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «لِسَانُ?َ یَسْتَدْعِی?َ مَا عَوَّدْتَه» (غرر الحكم/ ص572/ الحديث25). فترى لسان بعض الناس لا ينفكّ عن الجرح والنتر حتى في مزاحه، وترى بعض الناس قد اعتادوا على استخدام بعض العبارات وتعودوا على إيذاء الغير بلسانهم.
ومن طبيعة الناس هي أنهم ينجرون من حيث لا يشعرون إلى ما اعتاد عليه لسانهم، فأسلوب تفكيرهم يتبع أسلوب كلامهم وهكذا الحال في روحياتهم فإنها تنظّم على أساس كلامهم وتفكيرهم. فلسان كلّ امرئ يجره إلى نفسه. فعلى سبيل المثال إن عوّدنا لساننا على التذمّر والذمّ والانتقاد، سوف يجرّنا لساننا إلى التشاؤم في مقام التفكير. ولهذا تجدون كثيرا من الناس قد اعتادوا على مشاهدة سلبيّات المجتمع وحسب، فكل ما جلسوا في مكان كالتكسي أو شاحنة المسافرين يبدأون بالانتقاد وأن الأوضاع متدهورة وتذهب إلى الأسوأ يوما بعد يوم! إن هذه لعادة وتمثل أحد أنواع أسلوب الحياة في الكلام.

مع الأسف إن أسلوب حياة أكثرنا جعلنا نبدأ الكلام بالانتقاد والكلام السلبي تجاه المجتمع/ ومن طبيعة هذا الأسلوب أن يلحق بنا الحزن والهمّ

إن هذا الأسلوب من الكلام الذي يتعاطاه البعض من أن أوضاع المجتمع في تدهور وسقوط، إنما هو تشاؤم وضرب من الأمراض اللسانية التي قد تؤدي إلى مرض نفسي. فهذا يحكي عن أن نظرة هذا الإنسان إلى أوضاع العالم نظرة سلبية. بينما لا يحكي مجمل أوضاع المجتمع بشكل عام عن أنها ذاهبة إلى الدمار والخراب، بل بالعكس فإنها في تحسّن وتطور دائم. ولا يعني هذا الكلام أننا لا نعاني من مشاكل. نعم، نحن نعاني من بعض المشاكل والتحديات ولكن على رغم هذه المصاعب والمشاكل نجد أن حركتنا تتجه صوب التكامل والتطوّر. ومن جانب آخر صحيح أن أسعار البضائع تحكي عن وجود غلاء وتضخم ولكن قد ارتفع المستوى المعيشي للناس نسبة إلى ما كانوا عليه سابقا.
فمع الأسف أصبح أسلوب حياتنا هو أن نبدأ الحديث بالتذمر والتشاؤم. فهذا ما سوف يؤثر على روحيتنا ويلحق بنا الحزن والهمّ. فلابد أن نقول إلى هؤلاء المتشائمين: افرحوا وابتهجوا بقدر ارتقاء مستوى معيشتكم واحزنوا بقدر مشاكلكم. فافرحوا بقدر ما تحظون به من إمكانات ووسائل الرفاه واحزنوا على ما حرمتم منه. ولكن ترى هؤلاء المتشائمين في حزن وهمّ دائم بسبب عادتهم على الانتقاد الكثير والتأكيد على السلبيات والنواقص.

ترى كثيرا من الناس لا يتحرك لسانهم في الحديث عن إيجابيات المجتمع ونقاط قوته ومحاسنه/ حتى في الدعاء يفترض أن نبدأ بحمد الله وشكر نعمه ثم ننتقل إلى ذكر الحاجات وعرض المشاكل

ترى كثيرا من الناس ـ وللأسف ـ لا يتحرك لسانهم في الحديث عن إيجابيات المجتمع ونقاط قوته ومحاسنه، فكأنه قد اعتلّت وسقمت رؤيتهم. ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: «وَ قَلیلٌ مِنْ عِبادِیَ الشَّ?ُورُ»(سبأ/13). يعوّدنا إسلامنا العزيز على أن نرى نعم الله وفضله علينا في بادئ الأمر لا أن ننظر إلى النواقص والمشاكل. ولهذا قد وصّونا أئمتنا في آداب الدعاء أن ابدأوا دعاءكم بشكر نعم الله عليكم وبعد ذلك اطلبوا حاجاتكم.

الدعاء غير المسبوق بشكر النعم قد يجرنا إلى عادة سيئة

إن الدعاء عمل صالح بطبيعة حاله، أما إن لم يؤدّ بالشكل الصحيح قد يجرنا إلى عادة سيئة. فعندما يكثر الإنسان طلب الحاجات عند الله سبحانه بلا أن يشكر نعمه عليه أثناء الدعاء، فدائما يقول: «إللهم أخرجني من فقري وأزمتي المالية، وشاف طفلي وحلّ مشكلتي و...» فإن داوم الإنسان على هذا السلوك وهذا النمط من الدعاء قد يؤدي به إلى عادة التشاؤم والنظرة السلبية تجاه أوضاع الحياة.
فمن أجل أن لا نتورّط بهذه العادة إثر عرض المشاكل إلى الله سبحانه، علّمنا أهل البيت(ع) أن نبدأ الدعاء بالشكر واستعراض ما رزقنا الله من النعم المادية والمعنوية. وهذا من آداب الدعاء. كما في دعاء الإمام السجاد(ع) المعروف بدعاء أبي حمزة الثمالي، نجد المقاطع الأولى من الدعاء حمدا لله؛ «الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الَّذِي‏ أَدْعُوهُ‏ فِيُجِيبُنِي‏ وَ إِنْ كُنْتُ بَطِيئاً حِينَ يَدْعُونِي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسْأَلُهُ فَيُعْطِينِي وَ إِنْ كُنْتُ بَخِيلًا حِينَ يَسْتَقْرِضُنِي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أُنَادِيهِ كُلَّمَا شِئْتُ لِحَاجَتِي وَ أَخْلُو بِهِ حَيْثُ شِئْتُ لِسِرِّي بِغَيْرِ شَفِيعٍ فَيَقْضِي لِي حَاجَتِي الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا أَدْعُو غَيْرَهُ وَ لَوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لِي دُعَائِي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا أَرْجُو غَيْرَهُ وَ لَوْ رَجَوْتُ غَيْرَهُ لَأَخْلَفَ رَجَائِي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَكَلَنِي إِلَيْهِ فَأَكْرَمَنِي وَ لَمْ يَكِلْنِي إِلَى النَّاسِ فَيُهِينُونِي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَحَبَّبَ إِلَيَّ وَ هُوَ غَنِيٌّ عَنِّي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَحْلُمُ عَنِّي حَتَّى كَأَنِّي لَا ذَنْبَ لِي فَرَبِّي أَحْمَدُ شَيْ‏ءٍ عِنْدِي وَ أَحَقُّ بِحَمْدِي...‏» وكذلك الحال في باقي أدعية أهل البيت(ع) حيث نجد أنها مليئة بحمد الله. فمن أروع مصاديق حمد الله في الدعاء هو ما نجده في دعاء الإمام الحسين(ع) في يوم عرفة، حیث ابتدأ دعاءه بهذه العبارات: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ وَ لَا لِعَطَائِهِ مَانِعٌ وَ لَا كَصُنْعِهِ صُنْعُ‏ صَانِعٍ‏ وَ هُوَ الْجَوَادُ الْوَاسِعُ فَطَرَ أَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ وَ أَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنَائِعَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ الطَّلَائِعُ وَ لَا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ أَتَى بِالْكِتَابِ الْجَامِعِ وَ بِشَرْعِ الْإِسْلَامِ النُّورِ السَّاطِعِ وَ هُوَ لِلْخَلِيقَةِ صَانِعٌ وَ هُوَ الْمُسْتَعَانُ عَلَى الْفَجَائِعِ جَازِي كُلِّ صَانِعٍ وَ رَائِشُ كُلِّ قَانِعٍ وَ رَاحِمُ كُلِّ ضَارِعٍ وَ مُنْزِلُ الْمَنَافِعِ وَ الْكِتَابِ الْجَامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ‏ وَ هُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ [لِلْمُطِيعِينَ نَافِعٌ‏] وَ لِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ وَ لِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ وَ لِلْجَبَابِرَةِ قَامِعٌ وَ رَاحِمُ عَبْرَةِ كُلِّ ضَارِعٍ وَ دَافِعُ [وَ رَافِعُ‏] ضَرْعَةِ كُلِّ ضَارِعٍ فَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَ لَا شَيْ‏ءَ يَعْدِلُهُ وَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏ الْبَصِيرُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِير».

يتبع إن شاء الله...
01-05-2014 11:40 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 7 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 

يتمثل النفاق إما في الكفر الكامن، أو في الكفر بعد الإيمان. وقد يتبلور في قلب الإنسان رغما عليه ومن حيث لا يشاء. طبعا إن كوّن الإنسان علاقته بالدين وأهل الإيمان بصدق وصفاء قلب، لن ينجرّ إلى النفاق أبدا. أما من هوى في هاوية النفاق فمن شأنه أن يبلغ أعلى درجات الحقد تجاه المؤمنين، وسوف يعاديهم بأشدّ عداء.[FONT="][/FONT]
30-04-2014 03:25 مساءً
icon فطائر ومعجنات فكرية 6 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
عندما تحكم القيم في مجتمع، يكثر النفاق فيه بطبيعة الحال، إذ يجد بعض ضعاف النفوس مصالحهم في التظاهر بالإيمان. فلا ينبغي الاجتناب عن حاكمية القيم في المجتمع خوفا من النفاق، بل لابدّ أن نعبر من مرحلة النفاق وهي مرحلة صعبة جدا. كما هي بحاجة إلى بالغ حُسن المؤمنين وتضحيتهم إلى حد كبير.
24-04-2014 07:53 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 5 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
إن العزة من نتائج الملحمة. وعزة الإنسان مع ما تنطوي على روعة وجمال، لها أعداء أشداء. إن «اللذة» و «المنفعة» يمثلان عدوان لدودان للعزة. فمن أراد أن يحافظ على عزته لابد أن يغض الطرف عن كثير من لذائذه ومنافعه. فعند ذلك تصنع الملاحم في مسار حفظ العزّة. ولا يخفى أن العزة سوف تعطي الإنسان منافع ولذائذ باقية غير بالية.
23-04-2014 08:58 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية 4 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
إن تحديد الهدف والتوجه إليه أهم بكثير من انتخاب الطريق وإيجاد الحافز لمواصلته. إن كثيرا من الكسل والانحراف ينشأ من عدم تحديد الهدف الصحيح وعدم التوجه الكافي إليه. فلابد من إدراك الهدف السامي والتوجه إليه بكل عشق، فعند ذلك يأتي الحافز القوي وتتبلور الرؤية الصحيحة لطيّ الطريق. إن الهدف من خلق الإنسان هو لقاء الله سبحانه.
13-03-2014 09:38 صباحاً
icon فطائر ومعجنات فكرية | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
إن تقديم الأضحية والقرابين لله، من أهم امتحانات الإنسان وهو الطريق الرئيس للتقرب إلى الله. فقد كان محور قصّة هابيل وقابيل هو تقديم القربان بما يرضي الله، وهو يدل على محوريّة امتحان التضحية وتقديم القربان في حياة الإنسان. فقد تتغير أشكاله من شكل إلى آخر ولكن يبقى أصل الامتحان ثابتا. فيجب على كل امرء أن يشخّص اسماعيله، ويعرف متى يطلب منه الله أن يقدمه قربانا.
09-03-2014 03:12 مساءً
icon فطائر ومعجنات فكرية 2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 

لابدّ أن يكون انطباع الناس عن الدين أنه ليس بعمل عسير. فحينئذ لا يعتري المتديّن عجب وغرور، وفي المقابل من لم يلتزم بالدين يشعر بالخسران والحسرة، إذ قد ترك عملا سهلا ومفيدا جدا. إن الالتزام بالدين ليس بأمر عسير واقعا، فقد قال الله سبحانه: «يُريدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ...»[البقرة/185][FONT="][/FONT]
22-01-2014 03:54 مساءً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة 3-1 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
بين يديك أيها القارئ الكريم ملخص الجلسة الثالثة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «دور العبادة في أسلوب الحياة» حيث ألقاها في مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة طهران، في شهر رمضان عام 1434هـ.

إن لم نبرمج أسلوب حياتنا بأيدينا، فهناك من يبرمج ويخطط لتغيير وإفساد أسلوب حياتنا.

إن عدم مبالاة الإنسان بأسلوب حياته وأن يتعاطى هذا الموضوع بغير جدّ واكتراث، فهذا ما قد ينجر إلى كارثة في حياة الإنسان. فنحن إن لم نبرمج أسلوب حياتنا بأيدينا ولم نعر اهتماما بالغا بهذا الموضوع، يوجد هناك من يهتمّ بأسلوب حياتنا فيبرمج له ويتصدّى لتغييره وهدمه.
ثم لا يقتصر أسلوب الحياة على الحياة الاجتماعية أو الفردية وحسب، بل هو يشمل جميع أبعاد الحياة حتى تلك المقاطع التي نرتبط فيها مع الله ونعبد ربّنا.

«العادة» تمثل عنصرا رئيسا في أسلوب الحياة/ وقد أتتنا أحاديث مهمة عن أئمة الهدى(ع) في مجال العادة

هنا بودّي أن أتطرق إلى أحد العناصر الرئيسة في موضوع أسلوب الحياة وهو «العادة». فإن الاستمرار على سلوك ما والذي ينجر إلى تبلور العادة يعدّ من أهم أركان أسلوب الحياة.
لا تخلو حياتنا من ثوابت في أعمالنا وأقوالنا والألفاظ التي نستخدمها دائما. فإنكم إن قمتم بعمل ما لمرة واحدة أو أكثر من ذلك، أو كنتم تمارسون عملا ما في بعض الأحيان بشكل مقطعي غير مستمر، لا يمكن أن نعتبر هذا العمل الخاص داخلا في أسلوب حياتكم. فعلى سبيل المثال إن صرختم ذات يوم أو عطفتم على أحد أو بذلتم من مالكم لمرة واحدة، فهذا لا يمكن أن يعتبر من أسلوب حياتكم. أما إذا قام الإنسان بعمل على دوام ما أصبح هذا العمل من عاداته ودأبه، عند ذلك يدخل في نطاق أسلوب حياته. وبإمكان من ينظر إلى حياتنا من الخارج أن يشخص دأبنا وعاداتنا السلوكية.
قد يكون أسلوب الحياة مفروضا علينا كرها أو يكون مختارا، ولكن على أي حال إن أعمالنا المستمرّة هي التي تحدّد أسلوب حياتنا وهي التي تتحول شيئا فشيئا إلى عادة. لم يرد في رواياتنا مصطلح «أسلوب الحياة» ولكن هناك أحاديث مهمة جاءتنا عن أئمة الهدى(ع) في مجال العادة، فنشير إليها هنا إن شاء الله.

نحن كالأسرى والعبيد في قبضة عاداتنا/ لابد أن نكون على حذر مما نعتاد عليه/ إن تغيير العادة كالمعجزة!

أي عادة نعتاد عليها نحن البشر، فسوف تتسلط علينا ونصبح بيدها كالأسرى والعبيد كما أنّ تغيير العادة من الصعب جدا. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «لِلْعَادَةِ عَلَى ?ُلِّ إِنْسَانٍ سُلْطَان؛ غررالح?م/ ص544/ الحدیث10». فمن هذا المنطلق لابدّ أن نكون على حذر ونرى ما الذي نسلطه على أنفسنا، فإن الهروب من قبضة هذا السلطان صعب جدا، إذ سوف يصبح الإنسان أمام عاداته كالعبد الذليل أمام سيّده.
وقد قال أميرالمؤمنين(ع) في حديث آخر: «رَدُّ الْمُعْتَادِ عَنْ‏ عَادَتِهِ‏ ?َالْمُعْجِزِ؛ تحف العقول/ ص489». لهذا حريّ بالإنسان أن يكون على حذر مما يعتاد عليه من سلوك وأعمال مما يتحول إلى إسلوب حياته، إذ إنه سوف لا يقدر على تغيير هذا الأسلوب وما اعتاد عليه.

فلنراقب عاداتنا وأسلوبنا في الكلام/ فقد اعتاد البعض على تتبع العيوب والتشاؤم

فعلى سبيل المثال لابدّ للإنسان أن يرى أيّ أسلوب من أساليب الكلام راح يصير جزء من أسلوب كلامه. فقد اعتاد البعض على أن لا ينظروا سوى السلبيات والثغرات، فتراهم دائما يتذمرون ويتشاءمون. فلابدّ أن نحذر حتى لا يتحول التفاتنا إلى بعض السلبيات والثغرات. فعلى سبيل المثال إن كان جاركم سيئا وتكلمتم عن سلبياته، فإنكم أن داومتم على ذمّه يصبح ذمّ الآخرين واغتيابهم من عاداتكم شيئا فشيئا وهذا غير مطلوب جدا. فلنراقب ولا نسمح لأنفسنا أن نتعود على مثل هذه العادات.
سأل رجل الإمام الصادق(ع) عَنِ الْإِقَامَةِ بِغَیْرِ أَذَانٍ فِی الْمَغْرِبِ؛ يعني استأذنه هل لي أن أكتفي بالإقامة قبل صلاة المغرب دون الأذان، فَقَالَ: «لَیْسَ بِهِ بَأْسٌ وَ مَا أُحِبُّ أَنْ یُعْتَادَ؛ تهذیب الاح?ام/ج2/ص51»

إن أقرباءنا ومشاكلنا في الحياة قد يصيرون سببا لأن نكسب عادات سيئة

يبتلى الإنسان أحيانا بولد غير صالح أو زوجة سيئة الأخلاق، فتجده دائما ينصحهم وينتقدهم، فإنه إن اعتاد على هذا الأسلوب يصبح إنسانا يابسا مرّا لدى الآخرين. وهذا يعني أن مشاكل الحياة والأقرباء قد تصير سببا لأن يكسب الإنسان عادات سيئة. ولهذا لابدّ أن نكون على حذر مما نعتاد عليه.
لابدّ للإنسان أن يراقب عاداته بشدّة، فيحاول أن لا يعتاد على السيئات من جانب، وأن يعتاد على الأعمال الصالحة من جانب آخر وأن يخطط في سبيل التعوّد على الأعمال الصالحة.

يتبع إن شاء الله...
25-11-2013 08:37 صباحاً
icon رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 8 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
أنواع الاختلافات بين المرأة و الرجل وطرق التصدي لها
الاختلافات الشخصية

أما الملاحظة الأخرى التي تستحق لفت النظر في الحياة المشتركة، هي أن على المرأة والرجل أن يدركوا الاختلافات فيما بينهما وأن يلمّوا بالفوارق الروحية والسلوكية وغيرها إلمامة جيدة.
أما الفوارق، فقد تكون شخصية وقد تكون نوعية. الفوارق الشخصية تعود إلى الخصوصيات الفردية المختلفة من شخص لآخر. فمن الممكن أن تكون المرأة متواضعة وقد تكون، مغرورة نوعا ما. أو قد يكون الرجل حسن الصحبة وقد يكون غير ذلك، وهذه الفروق الشخصية لاعلاقة لها كثيرا بجنس الشخص.
أما الدخول في هذه الفوارق وطرق مماشاتها تحتاج إلى بحث مستقل لامجال له الآن. وخلاصة القول، أن الخصوصيات الشخصية لزوجتك مهما كانت، تشكل عامل مساعد على رشدك ونموك. وهذا ما ذكرناه أول البحث، فعلى الرجل والمرأة أن يقول كل منهما للآخر: نفسي فداء سوء خلقك. لأن كل ما في صفات زوجتك، عامل مساعد على رشدك وتكاملك.
علينا أن نجعل هذه الاختلافات فداء لموارد الاتفاق فيما بيننا. علينا أن نجعل موارد الاتفاق في حياتنا المشتركة نصب أعيننا. وأن نعد هذه الاختلافات هدية إلهية إلينا.
النكتة التي تستحق الذكر هنا هي: ليس من السهولة الوقوف على موارد الاتفاق في الصفات بين الزوجين فالله قد أودع بينهما توافقات كثيرة لايمكن الوقوف على كثير منها إلا بعد فقد الطرف الآخر، أو إذا كانا على قسط كبير من الدقة وكانا ينظران إلى حياتهما نظرة عرفانية فاحصة.
وكما قلنا بأن فلسفة عدم الاتفاق، رشد الانسان، فلا تدعوه يدمّر حياتكم. أما الاتفاقات فهي عامل لإيجاد المحبة فيما بينكما. فعليكم الاهتمام بها لتصبح حياتكم جميلة، وعندها ستقولون أحسنت للاختيار الإلهي وتغدو زوجاتكم محبوبات عندكم أكثر من ذي قبل.

الاختلافات النوعية

هناك نوع آخر من الاختلافات، وهي الاختلافات النوعية التي تتعلق بجنس الشخص. وبعبارة أخرى نقصد بهذه الاختلافات أن نوع المرأة يختلف عن نوع الرجل. وقد أشرنا في المباحث السابقة إلى هذه الاختلافات وسنتناولها بالبحث هنا أكثر من ذي قبل.
إن طلبات الرجل ورغباته الرئيسية تختلف عنما عند المرأة في الحياة المشتركة. فأهم رغبة للرجل هي، تواضع المرأة أمامه، وأهم رغبة للمرأة محبة الرجل، لقد تشكل قبل عدة سنوات مخيم يضم 500 طالب جامعي. ولم يكن لهذه المجموعة سمة معينة تميزهم عن غيرهم بل كان الاختيار على أساس التسجيل وقد حضر إلى هذا المخيم كل من رغب في الحضور وسجل اسمه. كانت لي جلسة خطابة عندهم. وقد كان قد طرح سؤال عندهم وهو: لماذا تختلف حقوق الرجل في الإسلام عن حقوق المرأة؟ فقلت لهم اسمحوا لي أن نجرب هذه الاختلافات هنا في هذا الجمع.
قلت لهم: سأسألكم سؤالا واريد الجواب حسب رغبتكم وما تحبون لا حسب الأحكام الشرعية. كانوا يجلسون على طرفي ستار ممدود بينهم، من جهة يجلس الرجال، ومن جهة النساء. قلت لهم أبتدأ بالسؤال للسيدات: هل ترغبون بأن يطعنكم الرجال، بطاعة لاتكون عن محبة ولا من صميم القلب؟ فأجاب الكل: كلا. قلت لهم: من قالت كلا، لترفع يدها. فرفع أيديهن جميعا. قلت لهم إذن تحب السيدات لو قال لهن أزواجهن "على عيني"، تخرج الكلمة من صميم القلب.
بعد وجهت السؤال للرجال: هل تحبون أن تسمع النساء كلامكم ويطعنكم حتى لو لم تكن الإطاعة من صميم القلب؟ فأجاب الجميع بلا استثناء: نعم. قلت لهم ليرفع من قال نعم يده، فرفع الجميع يده.
قلت لهم: هل أدركتم الفرق الذي بينكم؟ هل التفتم إلى الفوارق التي بينكم مع أنكم لم تتزوجوا لحد الآن؟
نعم، قد يكون هناك استثناء في البين لكن الطبع النوعي للرجل، ميّال لأن يُطاع ولو لم تكن الطاعة عن محبة والطبع النوعي للمرأة ميّال لأن تُعامل بمحبة. على هذا فأهم شيء على الرجل أن يهتم به في الحياة المشتركة؛ أن لا يجرح مشاعر زوجته وأهم شيء على المرأة أن تهتم به في الحياة المشتركة؛ أن تحترم زوجها ولا تعصيه. وبالطبع إن هذه الوظيفة أي تأمين الحاجة العاطفية للمرأة والوقوف أمام تحطيم شخصية الرجل ليست هي وظيفة الزوجين لأحدهما الآخر فحسب. فعلى الأولاد أيضا أن يراقبوا أنفسهم ويتعاملوا مع آبائهم وأمهاتهم بهذا التعامل. فينبغي للأم في المنزل أن توصي أولادها بإطاعة الأب، وينبغي للأب أيضا أن يوصي أولاده بأن يتعاملوا مع أمهم بمحبة فائقة، وهذا الأمر لايعني أنه لا يُعامَل الأب بمحبة ولا تطاع الأم، لأن إثبات الشيء لا ينفي ماعداه. بل إن الأولوية بالمحبة للأم، وبالطاعة للأب.
لقد قدمت هذا الموضوع وطرحته على جمع من المستشارين وعلماء النفس في الجامعات يقارب 100 نفر، ومرة في جمع من الأساتذة الحوزويين. فلم أر منهم في هاتين الجلستين مخالفا، إلا مورد أو موردين وقد أجيب عليه.
أؤكد وأقول، أنا مستعد لإثبات اشتباه أي كتاب فيه ما يخالف هذا الأصل.
إذن الوصية الأساسية للنساء هي: عليكن بقبول الرئاسة الحقوقية للرجال في داخل المنزل. والوصية الأساسية للرجال هي، عليكم بقبول الرئاسة العاطفية للمرأة. وبتعبير آخر، لو أردنا إعادة هذا المطلب علينا القول: ينبغي أن يكون أمر الرجل في المنزل وعاطفة المرأة في القمة.
وبطبيعة الحال، لابد أن تلفت الأنظار لهذه الملاحظة، وهي يمكن للإثنين أن يستغلوا هذا الأصل الذهبي ويستخدموه في غير محله. فتقوم المرأة بالضغط على الرجل بذريعة انكسار قلبها وتطلب منه المعقول وغير المعقول. والرجل أيضا يبدأ بالتحكيم وتصدير الأوامر تلو الأوامر بحجة الاحترام والطاعة وعدم تحطيم شخصيته؛ لكن لايمكن لهذا الاستغلال أن يكون دليلا على التشكيك في هذا الأصل. فالإنسان السقيم يمكنه أن يستغل كل نكتة جيدة ويستخدمها في غير محلها ليكسب منها مآربه.

يتبع إن شاء الله...
23-11-2013 02:32 مساءً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة 2-3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
إن كان أسلوب حياتنا فاشلا في هذه الدنيا، سوف يقصر مدى تحليقنا في الجنة وحياتنا الحقيقية

إن تصوّر كثير من الناس عن عالم الآخرة والجنة هو أنه ليس لهم في الجنة إلا أن يجلسوا على عرش ويطاف عليهم بأكواب من لبن وعسل وأطباق الفواكه! فيتصورون أنه ليس لنا أي نشاط في الجنة سوى أن نجلس ونتمتع، بينما الأمر ليس كذلك. فسوف نعيش ونحيى في الجنة بكل معنى كلمة الحياة، فتكون هناك لنا مختلف النشاطات والعلاقات مع باقي أهل الجنان، والأمر الوحيد الذي يسقط عنا هناك هو «التكليف». ولهذا فنحن بحاجة إلى كل خصائص الإنسان في سبيل تجربة حياة راقية جدا، ولكننا قد نكون محدودين في التحليق والطموح لما أسلفناه في الدنيا من أسلوب حياة فاشل.
فإن أصلحنا أية مفردة من أسلوب حياتنا على أساس ما أمره الله سبحانه وتعالى، سوف نجني ثماره في عالم الآخرة. ولهذا نرى علماءنا وأولياء الله كانوا حريصين على أسلوب حياتهم وتنظيمه على أساس شريعتنا الإسلامية.

أردت أن لا تنعقد المائدة دون مراعاة سنة النبي(ص)

في ما يتربط بأهمية مراعاة أسلوب الحياة الإسلامية، ينقل آية الله بهجت هذه الحكاية فيقول: كان قد دعي السيد القاضي، أحد كبار العلماء في النجف مع غيره من العلماء على مائدة الإفطار. فعندما اكتملت المائدة وأقبل الضيوف عليها لتناول الإفطار، قال السيد القاضي: ليس في المائدة ملح. ولم يمدّ يده إلى الطعام، وكذلك أمسك باقي الحاضرين عن الطعام احتراما له، فتأخر إحضار الملح نسبة ما وبقي الضيوف ممسكين لمدّة. فبعد انتهاء جلسة الضيافة قال له أحد العلماء: «سيدنا، إن كنتم بهذه الدرجة من الاهتمام والتقيّد بهذه السنّة ما يجعلكم لا تبدأون الطعام قبل الملح أبدا، فلا بأس في مثل هذه المناسبات أن تحملوا معكم شيئا من الملح كي لا تأخروا باقي الناس.» فأخرج هذا الأستاذ من جيبه كيسا صغيرا من الملح وقال له: «كان لي ملح ولكن أردت أن لا تترك سنّة رسول الله في جلستنا».

صلى الله عليك يا أبا عبد الله

إن الإنسان إذا راقب إسلوب حياته ونظمّه على أساس أسلوب أولياء الله وأئمته، يصل به الأمر إلى عشق هذا الأسلوب. كنت أقول في مسيرة زيارة الأربعين لإخوتي ورفقائي في المسير أن انظروا كيف قد نظّم الإمام الحسين(ع) أسلوب حياتنا، وانظروا كيف قد وفّر لنا أسباب نزهتنا وابتهاجنا. فقد سألتهم هناك أن لو لم يكن الإمام الحسين(ع) وما كانت هذه الزيارة وهذه المسيرة، فما هي كانت نزهتنا وبهجتنا. ألم تكن زيارة الحسين والمشي إلى كربلاء أيام الأربعين هي أعظم ترفيه لقلوبكم في أيام السنة؟! وهل يعادل لذةَ هذه الزيارة شيء آخر من لذات الدنيا وفرحاتها؟! فكان الشباب يصدقون كلامي ببكائهم الشديد ودموعهم الجارية...
الحيوانات وفي بعض الروايات حتى الجمادات تستأنس وتعتاد على بعض الأعمال أو على ما يجري حولها من صوت أو عمل، فما بالك بك أيها الإنسان فانظر بماذا تعتاد وتستأنس ليكون معك إلى أبد الآبدين.
طوبى لمن استأنس بذكر الحسين(ع) في كل يوم أو يلتفت إلى قبر الحسين(ع) ليلة الجمعة وينادي ثلاث مرات: «صلى الله عليك يا أبا عبد الله». فما يدريك فلعلك تسجّل بهذا السلام في قائمة زائري قبر أبي عبد الله(ع).
إن من خصائص ذكر الحسين هو أن الإنسان سريع التعلق به، فإن تعلق به وتعوّد عليه لم يعد يستطيع تركه لفترة طويلة. ساعد الله قلب الحوراء زينب حيث إنها قد تعلقت بالحسين نفسه... فيا ترى ماذا جرى على قلبها حينما جاء أخوها الحسين ليودعها متجها لمصرعه ومقتله... ألا لعنة الله على القوم الظالمين.
20-11-2013 09:30 صباحاً
icon رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 7 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
تضحية المرأة تختلف عن تضحية الرجل

يمكن القول بأن هذا الحديث -للأسف- لم يشرح جيدا وبقى مسكوتا عنه، وقليل من عنده الجرأة في التكلم عنه. أقصد هذا الحديث النوراني عن النبي محمد صلى الله عليه وآله: "جهاد المرأة حسن التبعل".
للأسف إن الثقافة الغربية -وأعني بها الثقافة التي اتحدت مع الصهيونية لضرب الإسلام والمسيحية- بدأت تثقف المرأة على عدم التضحية في سبيل الآخرين. فالمرأة الأوربية أصبحت اليوم تمتنع حتى عن الإنجاب لأن فيه صرف شيء من صحتها ووقتها لأولادها.
أول شيء يثقفون به المرأة، هو أنك ليس من المفروض أن تضحي في سبيل أولادك! هذه الثقافة لم تدخل لله الحمد إلى ثقافتنا الإسلامية بشكل ملموس. لكن الشيء الثاني الذي يثقفون به المرأة -وقد دخل إلى ثقافتنا الإسلامية بنطاق واسع- هو: ليس من المفروض أن تضحي في سبيل زوجك!
نحن قلنا: على المرأة والرجل أن يضحي كل منهما في سبيل الآخر، فالمرأة عليها خدمة الرجل، وعلى الرجل خدمة المرأة. ولا إشكال فيما لو لم يحصلا على المقابل من المخدوم. لكن في الغرب يقولون للمرأة: ليس من شأنك أن تكوني خدّامة للرجل.
إن الملاحظة التي تستدعي الانتباه هنا هي إن مصاديق التضحية تختلف فيما بين الرجل والمرأة إلى حدّ ما. وقد استغلّ هذا الاختلاف الظاهري وجُعل حجر عثرة أمام تضحية المرأة لزوجها وأولادها.
أما الاختلاف في المصداق فهو إن المرأة لا تتعدى تضحيتها وإيثارها زوجها وأولادها. لكنهم يلقنون المرأة هذا التفكير: "أنا أخدمك داخل البيت وسيكون لك شأن اجتماعي خارجه وسأبقى أنا مجهولة".
يقول أحد الخطباء المخلصين المعروفين المؤثرين على كبر سنهم: كنت أقول للطلبة لو عثرتم على موضوع يستحق الذكر على المنابر هاتوا به لأطرحه على المنبر؛ وتحصلون أنتم على ثوابه. فصحيح أن الشأنية الاجتماعية ستكون لهذا الخطيب، لكن الأجر الأخروي سيصير نصيبا من ذكر له هذا الموضوع. فالطالب المخلص لا يتوانى عن هذا الأمر، ويتوانى عنه من في قلبه حبّ الجاه والسمعة. المرأة كذلك، لن تلين أمام خدعة الغرب هذه، لو لم يكن في قلبها حب الجاه. وهذا هو شرح الحديث النبوي: "جهاد المرأة حسن التبعل" الذي لا يجرأ أحد على طرحه ببساطة حتى في الحوزات العلمية للأخوات بدأوا يشتغلون على هذا الأمر ليدخلوا في أذهان المرأة المسلمة؛ مسألة أن المعنويات، لا تنافي كونك كزوجك خارج البيت، ولا يكون البيت ميدان تضحيتك، ينبغي أن لا تجعلي معنوياتك مقتصرة على خدمتك لزوجك. لقد وصل بنا الأمر إن نساءنا المتدينات أيضا لا يرضين أن يعملن صفقة مربحة مع الله سبحانه بخدمتها لزوجها. فلقّنوها أن تقول في نفسها: كيف أبقى في داخل الدار لا أتعداه والميزة الاجتماعية كلها نصيب زوجي؟!!
أتعلمون ما نتيجة هذه الدعاوي؟ نتيجتها ازدياد سبل الظلم للمرأة. فهناك نسبة طردية بين عدم احترام الرجل في داره، وعدم رعاية زوجته له، وبين ظلمه لزوجته في نفس دارها، وظلم باقي النساء في مجتمعهن.
وبطبيعة الحال، سيكون الرجل في ظل هذه المساواة -أعني بها مساواة في توزيع الأدوار الاجتماعية- أكثر ظلما للمرأة منها له؛ وهذا ما يحصل اليوم في الغرب.
كما أضيف هذه النكتة؛ من السهولة بمكان أن تحتوي المرأة زوجها وتتحكم فيه، وبعبارة أخرى أن تجعله في قبضتها. لكن (ما هكذا تورد يا سعد الإبل) فليس من الصحيح أن تصرخ المرأة بوجه زوجها باسم المساواة؛ بل الصحيح هو "حسن التبعل" لاغير.
على كل حال، فإن مصداق التضحية يختلف فيما بين المرأة والرجل. وقد يتصور المرء لأول وهلة بأن هذا الاختلاف يُشمّ منه رائحة التحيّز، إلا أنه لاوجود لهذا الأمر على الإطلاق، لأن هذا التوزيع في المسؤوليات يتم على أساس الاختلاف الروحي والجسدي بينهما. ورد في الحديث النبوي: "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها". وكما قلنا ليس من المفروض أن يصل أحدهما بخدمته لزوجه إلى مقام معين، فليطمئن بأنه لا يخسر شيئا، حتى لو لم يحصل على شيء. لكن أن للمرأة على أساس هذا الحديث تطلّعات معينة في حياتها المشتركة ولا طريق للوصول إليها إلا عن طريق خدمة زوجها. كما أن على الزوج أيضا تكاليف خاصة به عليه أداؤها.
ماذا على الرجل أن يكون؟ ما ينبغي أن يكون سلوكه داخل بيته؟ ما هي تضحية الرجل في بيته؟ هل تنحصر تضحيته في عمله خارج البيت؟ كلا، لاتنحصر تضحية الرجل في عمله خارج البيت. بل يمكنه أو عليه أن يكون البيت ميدان تضحيته أيضا. يمكن أن نتابع هذا البحث بملاحظة مهمة. افرضوا جلوس الزوج على مائدة الطعام في بيته، يرفع الغذاء ويضعه في فمه فيجده خاليا من الملح. أمامه أربع ردود فعل:
1- أن يُخرج كل ما في فمه من سباب و... ويقدمه لزوجته. 2- يصعد منبرا لزوجته قائلا: "من المستحيل أن تتحولي إلى إنسانة! إلى متى أبقى أتحمل هذا الوضع؟ لقد نفد صبري". 3- لا يتكلم بشيء لكن وضعه وشكله يوحي بأن شيئا ما سيقع، وعليها التضرع والتوسل إليه للخلاص منه. 4- أن يقول لزوجته: إجلبي لي من فضلك قدحا من الماء. وعندما تذهب الزوجة لجلب الماء يأخذ الملح ليضع منه شيئا في صحن زوجته لكي لا تلتفت لقلة ملحه، فتقف على اشتباهها وتضطر للاعتذار.
نعم، على الرجل اختيار الخيار الرابع، والإحساس بالمتعة واللذة به. حتى لو عادت زوجته بسرعة إلى المائدة قبل أن يضع ملحا في صحنه هو، فلا يستاء من ذلك ويبقى بأكل طعامه بدون ملح بكل لذة. على المرأة أن تكون كذلك، كما أن على الرجل أن يكون كذلك، ليحكم الرفق في جوّ البيت. إعلموا أن الله سبحانه ليرفع نظره عن البيت الذي لا وجود للرفق فيه. الرفق بينكم يساعد على تغلبكم على المشاكل حتى المادية منها.
على كل حال، اجتهدوا في المسارعة إلى التضحية والفداء في سبيل الآخر دون انتظار الأجر منه؛ وهذا ما حصل في الأسرة المثالية في الإسلام؛ أعني بها أسرة أميرالمؤمنين عليه السلام والسيدة فاطمة سلام الله عليها وكانت نتيجة هذا الجو الحاكم في البيت أن يرثي الإمام علي عليه السلام زوجته عند شهادتها بقوله:

أرى علل الدنيا عليّ كثيرة *** وصاحبها حتى الممات عليل
وإن افتقادي فاطمٌ بعد أحمدٍ *** دليل على أن لايدوم خليل

أتعلمون كيف كانت معاشرة السيدة الزهراء سلام الله عليها مع الإمام علي عليه السلام؟ كانت تقول له: "يا أبا الحسن إني لأستحي من إلهي أن أكلف نفسك ما لاتقدر عليه".
أرجوا من الله التوفيق للحصول على أسر نورانية. إعلموا إن أهم ما نعمل لتوسعة الدين، ولدحر الاستكبار العالمي، والوقوف أمام الغزو الثقافي، ولتحقيق ظهور الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه، الذي هو على رأس كل هذه الأمور، هو أن نجعل أسرنا أسر صالحة وجيدة. فإشاعة التدين في المجتمع مرهونة بكون أسرنا أسر متدينة.

يتبع إن شاء الله...
17-11-2013 05:24 مساءً
icon رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 6 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
حدود المحبة

صحيح أننا قلنا بأن وجود المحبة ضروري في العلاقات الزوجية وبشكل وافر؛ على أن تكون المحبة خالية من التوقع وتوخي التعويض، لكن لابد أن يكون لها حد معين. فلا ينبغي لهذه المحبة أن تتجاوز حدود الأخلاق. فمن لا يغار على زوجته باسم المحبة ليعلم بأن هذه خيانة لا محبة.وسيكون عمله على عكس ما تقتضيه المحبة. فليس من مصاديق الحب أن يمنع زوجته من الصلاة على وقتها. طبعا ستخرج بعض الموارد الضرورية عن هذا المثال.
نعم كما أشرنا، ينبغي للمحبة أن تكون خالية من التوقعات. عندنا في الحديث: إن الله يأخذ الحق لصاحبه ولو من غير الجهة التي يتوقعه منها. فعليكم بالإطمئنان لوعد الله سبحانه وترك التوقعات، التي من شأنها أن تسلب راحة المرء وسكينته. هذا هو طريق الوصول إلى الحياة الممتعة الجميلة بعلاقات جميلة كذلك. فلذة العيش تحصل بالعمل من جانب واحد وعدم انتظار الأجر من الطرف المقابل.
إبدأ وجرّب محبة إنسان آخر. إبدأ وفكر بفداء نفسك لإنسان آخر. لاتدعوا الأنانية تقف أمام تحقق هذا الأمر. قد يصل بنا الأمر -للأسف- إلى التنظير للأنانية والدفاع عنها بشدة، وإظهارها بشكل جميل لاغبار عليه بأن نقول: من هذا الذي ينبغي أن أفدي نفسي له؟ هل يستحق هذا الفداء؟ هلا كانت عنده الأهلية لكي أفديه بنفسي! في هذه الحالة لايوجد إلا جواب واحد نجيب به أنفسنا ألا و هو: هل أستحق أنا فداء الإمام الحسين عليه السلام نفسه لي؟ فما هي قيمتي لكي يفديني الإمام الحسين عليه السلام بنفسه المباركة؟ فما شأني باستحقاق الطرف الآخر؟ لأعمل بواجبي ولاشأن لي بالنتيجة.
تصوروا زوجين في أسرة واحدة يتعاملون فيما بينهما على هذا الأساس، ولا يدعا لأنانيتهما أن تقف أمام هذا الأمر. فكيف سيكون هذا البيت؟ سيتحول إلى محل نزول الملائكة وصعودها برحمة الله وغفرانه.
فليس من الرفاقة أن تقول: "هل أنت تصادقني حتى أصادقك؟" فهذا لايعرف معنى الصداقة والرفاقة؛ هذا الشخص يريد أن يحصل على الصداقة بالحرب والعداوة.
أتعلم ما هو مَثَل الشخص الذي ينتظر تعويض المحبة من الآخرين وليس بوسعه أن يحب الآخرين من جانب واحد؟ مثله مثل من يحمل إلى صديقه أو زوجته وردة بيد، وخنجر باليد الأخرى، فعندما يقدم الوردة وتسأله عن الخنجر، يقول لها: حملته لكي أدخله في قلبك إذا لم تشكري لي شرائي لهذه الوردة!! فما قيمة شكر كهذا؟ وهل سيدخل قلبك لو شكرتك؟!
إن لذة المحبة في كونها من طرف واحد وبدون توقع. فعلى كل واحد منا أن يتذوق حلاوة العيش هكذا. لندع الأنانية جانبا؛ بل لنكون عشاقا. لنشعر باللذة والمتعة بمحبة الآخرين لا بالحصول على المحبة من الآخرين. عندما نشعر باللذة من المحبة للآخرين، عندها سنحصل على حياة لذيذة سامية. فمن يلتذ بمحبة الآخرين أكثر من محبته للآخرين، عليه أن يغير شخصيته. قل: إن هذه الحياة منحها الله لي فرصة لأحتوي الآخرين، لا لأن يحتويني الآخرون. وهذا أصل ينبغي إجراؤه في كل مصاديق الحياة ومرافقها.

المساواة في الأسرة:

نظرا للفوارق الروحية والخصوصيات الجنسية للمرأة والرجل، يمكن القول: أن لا وجود لأي مساواة في الأسرة. بل وحتى بين الأخ والأخت الذين هما في عمر واحد أيضا. فقد أمر الله الأب أن يعامل الولد بغير ما يعامل به البنت في البيت في بعض الموارد. فإذا أراد أن يعطي شيئا لأولاده يوصيه الله بأن يعطي للبنت قبل الولد. حتى لو يتأذى الولد على هذا الأمر. إذ عليه أن يتذوق مرارة الحياة ويتحمل هذه الفروقات. فالبنت -ونظرا لخصوصياتها الروحية- تحتاج إلى محبة أكثر من الولد. إنسانية الإنسان -منذ الأساس- تختلف في دركه وفهمه للاختلاف وقبوله للأدوار وعمله المتناسب مع الظروف. من كان عنده ولدين لأحدهما ست سنين وللآخر 12سنة، فلو رأى خطأ صدر ممن عمره 12سنة يمكنه حتى عقوبته في بعض الموارد والتعامل معه كتعامل السيد مع عبده. بيد أنه لا يمكنه معاقبة الطفل ذي 6سنوات. فهو سيد إلى سبع سنين. وهذا الاختلاف في التعامل والسلوك لابد أن يفهمه ويدركه الولد ذو 12سنة. على كل الاولاد أن يدركوا هذا الاختلاف في التعامل مع ذوي الأعمار المختلفة.
على الأولاد أن يهتموا بهذه الاختلاف في التعامل مع الأب والأم أيضا. فالمهم مع الأب، تقديم الطاعة، ومع الأم المحبة. أولاد الإمام الخميني قدس سره عندما كانوا يأتون إلى بيته ويتجهون نحوه للسلام عليه وتقبيل يده كان يسألهم: هل سلمتم على أمكم؟ إذهبوا وسلموا على أمكم أولا، ثم تعالوا نحوي.
على الآباء والأمهات أيضا الالتفات إلى هذه الإختلافات. يروى أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يوصي الآباء والأمهات بأن يربوا أولادهم على غير ما هم عليه لأنهم خلقوا لجيل وزمان غير الذي هم عليه. على الجميع أن يدركوا هذه الاختلافات الواسعة ويعتنوا بها وينسجموا معها. وقد بين الله سبحانه في الدين الاسلامي الأوامر اللازمة لمعرفة هذه الاختلافات وايجاد التكافؤات. فليس من الشطارة أن تحصل على صديق متفق معك في كثير من الأمور كالعمر وغيره وتتعامل معه تعاملا حسنا، لكن الشطاره أن تتعامل مع اسرتك واقربائك بنفس هذا التعامل.
إذن الأسرة هي، محل تحمل الآخرين. ففرق الصديق مع القريب هو أن القريب ينبغي أن أضعه موضع اهتمام وأن أعامله بمحبة حتى لو لم يكن صالحا؛ أو حتى لو لم ينفعني في حياتي بشيء؛ بل وحتى لو لم أحصل منه إلا على السوء. أما الصديق فيمكني قطع العلاقة معه لو لم يكن جيدا ولم يكن صالحا.
إذن العلاقات الجبرية محل رشد الانسان وتكامله، هذه العلاقات مليئة بالاختلاف؛ بل لاتنفك عنها أبدا، وما عليك إلا أن تضعها نصب عينيك لأنها مجال رشدك وتكاملك. فالمهم العمل بالتكليف؛ والنتيجة موكولة لله عزوجل.
فليس بوسع المرء المناقشة في أمه وأبيه، فلايمكنه القول: ليت أبي يكون مثلما أريد. فما عليه إلا العمل بواجبه تجاههما.
ولا يهمه الباقي. حتى الوالدين عليهما عدم الاعتراض لو ولدهما أولادا غير صالحين وعدم الشكوى لله سبحانه. فالولد، انسان مستقل، أمره بيد الله سبحانه. سعادته وشقاؤه أيضا بيد الله وما على الوالدين إلا العمل بوظيفتهما والسعي المجد لإصلاحه، والباقي على الله عزوجل. هذه، وصايا الروايات. فحتى ابن نوح كان سيئا. فليس بمقدور المرء أن يغير التقدير الإلهي. عليه العمل بتكليفه؛ لاغير.

يتع إن شاء الله...
16-11-2013 06:41 صباحاً
icon رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 5 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
من الذي ننتظر منه الأجر؟ إما من الطرف المقابل وإما من الله عزوجل. أولا، ليس من المفروض أن ننتظر الأجر من الطرف المقابل. فكثيرا ما يأتينا المكروه من نفس الناحية التي أحسنّا إليها، وهذه من سنن الله سبحانه وتعالى. فكثيرا ما لايحصل المرء على جواب الاحسان من المحسن إليه. فالأب يتعب على أولاده، لكن الأولاد ليس فقط لايقدّرون أتعاب والديهم بل قد ينكرونها ولا يحسبون لها حسابا. مع كل هذا لا ينزعج الوالدين من أولادهم ولا يتأذون عنهم ولا يعتبرونهم عاقّين. ليس من المطلوب -معنويا- انتظار الأجر من الآخرين. إلا من الله سبحانه وتعالى. والله هو الذي لايضيع أجر المرء؛ لافي الدنيا ولا في الآخرة. بل يضاعفه له أضعافا. لكن من سنته تعالى أن لا يعطي الأجر مباشرة، ولا بشكل مشهود وبلا فاصلة. أولا، كثيرا من الثواب والأجر يؤخر للمرء إلى يوم القيامة. ثانيا، وما كان من المقرر أن يعطى له في الدنيا يصل إليه بطريقة غير مباشرة وغير مشهودة. فلا تتصوروا بأن المرء عندما يقوم بعمل جيد، يأتيه أجره من نفس المكان الذي ينتظر منه الأجر مباشرة وبلا فاصلة.
لكن البشر لايملكون هذه الظرفية والاستعداد ابتداء، إلا بتشكيل مثلث المحبة الذهبي الذي أشرنا إليه في البحوث السابقة. فبتشكيل هذا المثلث، وعندما يزيل المرء الأنانية من نفسه ويصبح محبا لله سبحانه وعاشقا له، تظهر عنده محبة شديدة لمخلوقات الله خصوصا المؤمنين. وهذا العشق والمحبة أوسع من المحبة بين الزوجين. فمن يصل إلى هذه المرحلة سيكون تعامله مع كل البشر على هذا السبيل. الملاحظة الأخرى هي؛ على المرء أن يصل إلى هذه المرحلة لا بعلاقته بزوجته فحسب بل بعلاقته بكل أحد غيرها. فلو لم يكن كذلك، عليه أن يتدرب ويسعى ليتعلم مثل هذا السلوك. عندنا في الرواية عن أميرالمؤنين عليه السلام: "إن لم تكن حليما فتحلم".
قد لم نصل -لحد الآن- إلى هذه المرحلة من مثلث المحبة، لكننا نملك من العقل ما نستطيع به أن نعلم ضرورة محبة مخلوقات الله سبحانه وهذه المحبة -خصوصا للزوجة- لابد أن تكون خالية من المنّ وبدون انتظار الأجر من الطرف الآخر. علينا أن لا ننتظر الأجر إلا من الله سبحانه. وحديث: "الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله". فيه إشارة إلى هذه النكته. أوليس المجاهد في سبيل الله لا ينتظر الأجر إلا من الله سبحانه.
فداء النفس من دون انتظار الأجر من الطرف المقابل، لا ينحصر بالزوج والزوجة. لكن وبسبب الحقوق الخاصة والبحوث الأخلاقية الخاصة التي تطرح في البين، بدت المسألة في العلاقات الزوجية أكثر شدة، بيد أن هذا، هو نمط طبيعي في الحياة البشرية. ينبغي لمن يحيى حياة إلهية أن يشعر بهذه الوظيفة تجاه جميع المخلوقات. الإمام الحسين عليه السلام الذي كان على قمة هرم الفداء بلا انتظار ثواب من أحد قد فدى نفسه للآخرين في سبيل هدايتهم واستقامة دين جده محمد صلى الله عليه وآله. النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله كذلك قد تحمل في سبيل هداية الناس صنوف العناء والمشقة والتعب والنصب حتى نزل في حقه: "طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى".

تطبيق هذه النظرية في العلاقة بين الأبناء والوالدين

ينبغي للأبناء أن يحترموا والديهم، لاغير. عن الإمام السجاد عليه السلام في دعائه لوالديه: "اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف" أتعلمون كم للسلطان من هيبة في قلب العبد؟ ما إن يناديه: "أيها العبد" ينتفض سريعا. فهو دائما في أبهة الاستعداد للطاعة من شدة خوفه من سيده ثم يتابع الامام السجاد عليه السلام مناجاته قائلا: "وأبرّهما برّ الأم الرؤوف". على الأولاد أن يكونوا هكذا بالنسبة لوالديهم. ولا يتوقعوا ولا ينتظروا منهم أي شيء في مقابل طاعتهم لهما. دعاء الإمام السجاد عليه السلام لوالديه هو أن يكون لهما كالعبد مقابل السلطان المتعسف وفي نفس الوقت يكون في كامل الرقة والشفقة عليهما، لا أنه ينتظر شيئا في مقابل طاعته لهما.
الآباء والأمهات أيضا لا ينبغي أن يطلبوا الأجر من أولادهم. بل لربما كان العكس من ذلك وهو أن يطمئن الوالدين إلى عدم تقدير الأبناء لزحماتهم وأتعابهم المتواصة. لذا ينبغي على الوالدين العمل بشكل لاينتظرون معه التعويض من الأولاد. وبالطبع لا يمكن للأولاد بتاتا أن يقدروا زحمات والديهم ولا يمكنهم الشكر عليها لا لسانا ولا عملا. فالولد حتى لو حمل والدته على عاتقه وذهب بها حاجا إلى مكة يفعل ذلك سبعين مرة، لا يمكنه أداء حق والدته. وفي الحقيقة إن الولد عاجز عن أداء حق محبة والديه. فمتى لو أراد مجازاتهما على ذلك لا يمكنه. لكن مع كل هذا، لو لم يحصل الوالدين عن أداء حقهما وجزاء أتعابهما من الأولاد، عليهما أن لا يزعلا ولا ينزعجا من ذلك. قد نرى بعض الأزواج يذهب كثيرا إلى بيت أهل زوجته بعد زواجه، ولا يزور والديه. فلا يدع الوالدين هذا الأمر يؤدي إلى انكسار قلبيهما ولا يقولا: طبع الدنيا هكذا، نحن نربى ونتعب وعند الكبر يتركنا الأولاد. بل عليهم القول: إبني، عليك الذهاب كثيرا إلى بيت زوجتك وأقربائها حتى لا تشعر بأنك لا تعتني بها. هذا السلوك من الوالدين، يدل على فهمهم وانطباق عملهم على الحكمة الإلهية.

إجراء القاعدة الذهبية في العلاقة الزوجية

كما قلنا ينبغي أن يضفي أحدهما المحبة على الآخر، محبة خالصة من غير انتظار الأجر والعوض منه. عندنا في الحديث ان الله ليعطي أجر صبر أيوب لرجل يصبر على مشاكسة زوجته وخلافها. فإذا أراد الله سبحانه أن يجعل رجلا انسانا كاملا من امرأة غير خلوقة ومشاكسة، ينبغي أن لايعترض دائما، ولا يعاتب الآخرين، وأن يرضى بما اختاره الله له ليصبح كاملا رشيدا.

ينبغي التغاضي عن اساءة الطرف المقابل

عندما يعلم المرء بأن الطرف المقابل محيط بإساءته، ترتفع الحرمة بينهما وتتضاعف إساءته وشروره، أتعلم لماذا؟ لأنه سيقول في نفسه: لقد رآني عدة مرات على حالي الحقيقي فلا حاجة للتمثيل أمامه. فيفقد عندها المحفز والدافع على الأعمال الصالحة. لذا ينبغي أن لاتنقل سيئات الآخرين أمامهم ولا تعاتبهم عليها وهذا الأمر بطبيعته يحتاج إلى تمرين وممارسة، حتى يصل إلى حد يشكّ بعينه ونظرها؛ ويقول في نفسه: إنه لا ينظر إلى كثير من سيئاتي! على المرء أن يتعامل مع زوجته كما يتعامل مع صديقه خارج البيت. فكما هو يتغاضى عن سيئات صديقه خارجا؛ ولا يصارحه بها، لكي لا تنثلم رفاقتهما بشيئ، عليه أن يفعل نفس الشيئ داخل البيت، أي أن يتعامل معه بالحياء. فكم هو حسن وجود شيء من الأدب والحياء في العلاقات الأسرية، سواء أكانت بين الزوجين أو بين الأبناء ووالديهم.

يتبع إن شاء الله...
12-11-2013 08:30 صباحاً
icon رؤية مناسبة للحصول على حياة هادئة ومعتدلة 4 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: » قسم الازياء لحواء«
 
أنواع العلاقات الاجتماعية: 1- العلاقات الاختيارية 2- العلاقات الجبرية

تقسم العلاقات الاجتماعية للانسان إلى قسمين: العلاقات الاجتماعية الاختيارية والعلاقات الاجتماعية الجبرية، وإصلاح النفس وبناؤها نحصل عليها غالبا في نطاق العلاقات الجبرية لا الاختيارية. وسنتطرق بتوضيح هذا القسم أكثر في المستقبل.
أما العلاقات الاختيارية فهي، كعلاقة الانسان بصديقه. فالصداقة هي من العلاقات الاختيارية للانسان. كما ألفت انتباهكم إلى أن العلاقات الاجتماعية الاختيارية هي أيضا ليست اختيارية 100% بل إن اختياريتها نسبية، ففيها نسبة مئوية ولو قليلة من الجبر. فمثلا نفس الصداقة فهي علاقة جبرية اختيارية، لأن الذي يصادف شخصا في طريقه وتقع محبته في قلبه ثم يبدأ بصداقته واللقاء به ... فهذه التصادفات فيها نسبة ولو قليلة من الجبر.
فمن يريد أن يختبر نفسه هل فيه صفة الرحمة والشفقة أم لا، عليه أن يجرّب نفسه في العلاقات الاجتماعية الجبرية، هل هو شفيق على الآخرين فيها أم لا؟ فليس من الشطارة أن يرفق المرء بصديقه. لأنه هو الذي اتخذه صديقا له باختياره والشفقة مع الآخرين في نطاق العلاقات الاختيارية لا تعد ملاكا لمعرفة الشخص وصفاته. فالشفيق الحقيقي الذي تكون الشفقة جزء من ذاته، هو من يكون شفيقا في العلاقات الجبرية. فمن يشفق ويرفق بأمه وأبيه وبنيه، ومن لا مجال للفرار منهم ولا مجال لإبدالهم -كالصديق- فمن كان شفيقا في مثل هذه العلاقات، يعد شفيقا ورحيما حقا.

هل الزوجية علاقة جبرية أم اختيارية؟

يتصور الكثير بأن الزوجية علاقة اختيارية وينظرون لها حتى النهاية بعنوانها علاقة اختيارية. فلا مجال للقول بأن هذه الرؤية اشتباه بالكامل، لكن الزوجية أيضا تعد إحدى العلاقات الاجتماعية الجبرية. فبعد مدة قليلة تقريبا -نسبة إلى كل العمر- تذهب حلاوة وطراوة اختيارية هذه العلاقة ولا ينظر لها إلا كعلاقة جبرية.
بعض الناس يفر من الزواج ويتخوف منه لأنه دخل إليه بذهنية أن الزواج سيتبدل بعد مدة إلى علاقة جبرية مملة. وهذا يأتي من تصوره الخاطئ بأن العلاقة الزوجية لابد أن تبقى للنهاية انتخابية واختيارية. فلا يمكنه أن يتصور بأن الزواج سيتبدل فيما بعد إلى علاقة جبرية. فالعلاقة الزوجية في الواقع لابد أن تتبدل بعد مدة -سواء أكانت أربعة أشهر أو أربعة سنين أو بعد مدة لا يفرق كم ستطول وفي الواقع ليس من الصحيح أن تطول كثيرا- ستتبدل إلى علاقة جبرية، بما فيها نوع من المرارة في ذات وجودها. والله سبحانه قد جعلها جبرية لهذا المقطع منها لا لمتعتها ولذتها الأولية التي غالبا ما لا تدوم كثيرا. والمرء بطبيعته خبير بأمره لا يخدع نفسه؛ وعليه أن يكون صادقا معها. فهو يعلم بأن هذه اللذة والمتعة الأولية ذاهبة إلى الزوال مهما كانت العلاقة فيما بينهما.
من فوائد العلاقات الجبرية هي أن إنسانية المرء تتحقق وتتشكل فيها. لقد جعل الله سبحانه في بداية الزواج لذة ومتعة وهي هدية منه تعالى ليتجرأ المرء ويضع قدمه في وادي هذه العلاقة. التي هي من أصعب العلاقات بين المرأة والرجل وأكثرها حساسية. إذن، إن الزواج أولا هو علاقة جبرية؛ كالعلاقة بين المرء وأمه وأبيه. و إن كانت تختلف من حيث الذاتية. ثانيا إن كمال الإنسان يكمن في أن تظهر صفاته وسلوكه الحسن في مثل هذه العلاقات الجبرية. إنسانية المرء أيضا تتشكل وتكتمل في مثل هذه العلاقات. فلا نتصور بأن الزواج لذة ومتعة فحسب وسيبقى هكذا إلى الأبد بحيث يمكن للزوجين الاحتفاظ بعلاقتهما الأولية وحلاوتها ومتعتها ويمكنهما تحمل بعضهما البعض وتحمل عيوبه وإساءته على أساسها. فليس من الصحيح أن يخدع المرء نفسه. فهذه العلاقة ستتحول بعد فترة إلى علاقة مكررة.. ولا يمكن لأحد إجراءها بالشكل الصحيح إلا إذا وصل إلا مقام الإنسانية الرفيع. وسنذكر فيما بعد كيفية إقامة هذه العلاقة وإجرائها بالشكل الصحيح والجميل.
عندنا في الرواية أن زوجتك كالقلادة في رقبتك، فانظر إلى قلادتك كيف تكون. ما هو عمل القلادة؟ لا مناقشة في الأمثال. القلادة توضع برقبة الحيوان لكي يسحبوه بها إلى مكان لا يريده وعلى رغم منه. فالزوج والزوجة شبهان بالقلادة التي في رقبة الإنسان؛ فهذا الحديث يدلّ بمفهومه على أن هذه الرابطة، جبرية.
من الجيد أن ينجذب المرء للمثالية؛ فمن الروعة بمكان أن يسعى الإنسان وراء مكانة مطلوبة بصفتها طموح له، لكن على أن لا يكون سعيه وراء شيء وهمي على أنه شيء مثالي ومطلوب. فمن كانت طموحه تصبّ في أن يجعل من هذه العلاقة الزوجية علاقة غير جبرية، فهو يسعى وراء شيء واهم وغير صحيح. العلاقة الزوجية لابد أن تصل إلى نقطة الجبر شئنا أن أبينا.
فالمثالية هو أن نبدل هذه العلاقة الجبرية بعلاقة جميلة جدا، سيدوم مسيرها.
لابد أن نتقبل هذه العلاقة الجبرية ونسايرها بالشكل الحسن الجميل. أفضل مثال للعلاقات الجبرية، هي علاقة الولد بوالديه. فالاختلاف بين الابناء والآباء والامهات، من الامور التي تؤلم المرء وتؤذيه. لكن على الأولاد أن يتحملوا هذا الألم ويحملوه على عاتقهم، فليس من المفروض أن يتحمل هذا الألم الآباء والأمهات.
صبر الأولاد على هذا الاختلاف بينهم وبين والديهم مما يساعد على رشدهم وتكاملهم. وعلى العكس من ذلك فيما لو لم يصبروا على تحمل هذا الحمل الثقيل ولم يصبروا على هذه الاختلافات سيبتليهم الله بحمل آخر يجرّ عليهم أنواعا من البلايا والرزايا، منها قصر العمر؛ وزوال العافية؛ وقلة الأرزاق. ومن هذه البلايا يرزقه الله ولدا قد يصنع به أكثر مما صنع هو بوالديه. فعليكم بحمل هذا الحمل على أعتاقكم والاستسلام له.

الأصل الذهبي للسلوك في العلاقة الجبرية.

إذن لابد أن تكون نظرتنا للأسرة، على أنها علاقة جبرية مع الفارق الكبير بينها وبين غيرها من العلاقات الجبرية، منه ما أودعه الله سبحانه في هذه العلاقة من اللذة والمتعة، بيد أنهما ليستا أصل فيها، لأنها ستقل فيما بعد شيئا فشيئا. فلا تتصوروا بعد قلتها بأن حياتكم قد واجهها الانكسار. فأصل المعيشة هي، هذه المرارة التي تحصل بالعلاقة الجبرية.
قد نرى بأن يصاب أحد الزوجين بالكآبة بسبب قلة رابطته بالطرف المقابل أو بسبب شعوره بأن الطرف المقابل بدأت رابطته به تقل، مع أن السير الطبيعي للحياة الطبيعية هو أن تقل العلاقة بينهما قليلا بعد فترة من الزواج.
أما السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا كان هذا هو السير الطبيعي للحياة، ماذا نعمل في الحياة الجبرية حتى نحصل على علاقات حسنة فيما بيننا؟ ما هي المواقف الروحية والسلوكية التي لابد من توفرها في مقام العمل؟ كيف سيكون سلوكنا وتعاملنا مع الطرف الآخر؟
لابد أن يكون هناك تبانٍ في الحياة الجبرية، وهو: "أن يفدي كل فرد نفسه للطرف الآخر. ولابد أن يكون من طرف واحد". وأجمل حالة في أن يفدي نفسه من غير انتظار الأجر منه. وهذا التباني يجب أن يعمّ الطرفين وعدم أخذ الأجر عليه أو بالأحرى عدم انتظار الأجر كذلك لابد أن يعم الإثنين.


يتبع إن شاء الله...
11-11-2013 04:49 مساءً
icon دور العبادة في أسلوب الحياة 2-2 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ¤ ديننـآإ آڷآسڷآإميۓ .. ¤
 
إن أسلوب الحياة هو الذي يكوّن شاكلة روحنا وإن فائدة هذه الشاكلة الروحية في الواقع هي في حياتنا الأخروية الأبدية.

إن هذه الفترة المحدودة التي نعيش فيها في هذه الدنيا هي في الواقع مرحلة تمهيدية لتكوين وبلورة روحنا ونفسيتنا وشخصيتنا للعيش في تلك الحياة الأخروية الأبدية. فمن هذا المنطلق لابدّ أن نصبّ اهتمامنا بدراسة الآثار الأبدية التي يتركه سلوكنا على روحنا في الحياة الأخروية الأبدية أكثر من أن نهتم بنتائج سلوكنا على الجانب الشخصي والنفسي في هذه الدنيا، إذ أن أصل الحياة هي الحياة في ذاك العالم الأبدي وكل ما نعيشه الآن في الواقع إنما هو تمهيد لتلك الحياة الأبدية.
إن ساعة استيقاظنا من النوم، وطريقة كلامنا، وأسلوب زيّنا كلها لها أثار ونتائج، ولكن لا تظهر هذه الآثار هنا بوضوح، بل ستظهر في عالم الآخرة. لأن أسلوب الحياة يكوّن شاكلة روحنا وله أثر عميق على روحنا، وإنّ فائدة هذه الشاكلة الروحية في الواقع هي في حياتنا الأخرويّة الأبدية وسوف تظهر هناك. فعلى سبيل المثال روي عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: «يُحْشَرُ الْمُؤَذِّنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طِوَالَ الْأَعْنَاق‏؛ المحاسن/ج1/ص49»، وهذا امتياز في عالم الآخرة.
أحد أسباب اهتمام الله سبحانه وتعالى وحساسيته بجزئيات حركاتنا أثناء العبادة، هو ما تتركه هذه الأعمال من أثر عميق وثابت على روح الإنسان. فعلى سبيل المثال ما أهمية الابتداء باليد اليمنى في الوضوء أو صبّ الماء من أعلى اليد إلى أسفلها إلى غيرها من أحكام وتفاصيل؟ كل هذه الأعمال تشكّل أسلوب الحياة وعادات الإنسان السلوكية ولها آثار على روحنا وجسمنا. فكم من فرق كبير وبون شاسع بين من يغسل وجهه فجر كل يوم لأجل الله فيتوضأ ويصلّي، وبين من يغسل وجهه صبيحة كل يوم لا لأجل الله.
فهذا الإنسان الذي لم يصم شهر رمضان ـ لا عن مرض أو مبرر آخر بل عن عدم اكتراث ـ من المؤكد أنه لا يستطيع أن يدرك لذة صلاة عيد الفطر، فإن في هذه الصلاة لذة خاصة بالصائمين، ولن يستطيع من لم يصم أن يعوّضها بأيّ لذة أخرى. فإن الإنسان بعد ما صام شهرا كاملا وتحمل عناء الجوع والعطش فيه يصل إلى إحساس وشعور لا يوصف. هذا هو الأثر الذي يتركه العمل في روح الإنسان.
يعتاد روح الإنسان على بعض الأشياء شاء أم أبى، فلا بدّ أن نراقب ما يعتاد عليه. فتصوروا إذا اعتاد إنسان على قراءة القرآن، فأي حدث رائع سوف يحدث له؟! فعلى سبيل المثال كانت من عادات الدكتور حسابي (أبو الفيزياء والرياضيات الحديثة في إيران) تلاوة القرآن ولعلّه كان يرى الآثار الروحية والنفسية الناتجة من تلاوة القرآن.
ولا شكّ في أنّ الإنسان الذي لم يتعوّد على الصلاة ولم تستأنس روحه بتلاوة القرآن، تتشوه روحه بطبيعة الحال وسوف لا يجد بدا سوى أن يقضي مليارات السنين في حياته الأخروية بهذه الروح المشوّهة.

إن الاستمرار على العمل من أهم مقومات أسلوب الحياة/ سوف تظهر آثار أسلوب الحياة في حياتنا الأخروية بشكل واقعي وكامل

إن الاستمرار على ممارسة سلوك ما هو من أهم مقومات أسلوب الحياة. فإذا استمرّ الإنسان على عمل ما، هذا ما يترك آثارا عميقة في روحه ولا يظهر من هذه الآثار في الدنيا إلا جزء يسير منها، أما باقي الآثار فتظهر بتمامها في الآخرة.
لماذا يجب أن نهتمّ بأسلوب حياتنا؟ إن سببه الرئيس هو أن أسلوب حياتنا سوف يترك أثره الحقيقي في حياتنا الأخروية، مع كونه لا يخلو من أثر في الحياة الدنيا، ولكنه أثر غير معتدّ به ولا يأتي في الحسبان في مقابل الأثر الأخروي. إذ أن أقصى ما سوف نعيشه في هذه الدنيا هو حوالي مئة سنة أو قل ألف سنة. ولكننا في عالم الآخرة سوف نعيش مليارات السنين وإلى الأبد.

إن الله قد تفضل علينا بفرض بعض الأعمال العبادية/ فلو كان الأمر بيدنا لما أدركنا ضرورتها

في الواقع، إن الله قد تفضل علينا ومنّ علينا بفرض بعض الأعمال العبادية الخاصة كالصلاة والصوم والحج وأمثالها، فهو قد نظّم أسلوب حياتنا بهذا التوجيب، إذ لو كان الأمر بيدنا لما أدركنا ضرورة هذه الأعمال والعبادات لروحنا وما تترك فيها من أثر عميق، ولما قمنا بها أبدا.

إن هذه الدنيا كمعسكر للتدريب، في سبيل أن نعيش في الآخرة حياة أفضل

لا يترك أسلوب حياة الجنود في المعسكرات وينظم على أساس برنامج دقيق، وإن استفسر أحد عن بعض الممارسات يقال له: «لا سؤال في الجيش». فيجبرون الجنود على تجربة الركض وأنواع الزحف والرمي والحرب الليلية والإزعاج الليلي والعيش في الظروف الصعبة، ليكونوا على استعداد فيما إذا اقتضت الحاجة إلى الذهاب إلى ساحة الحرب الحقيقية.
فإن سأل الشبابُ مدرّبهم الذي عاش أجواء الجبهة والحرب والآن يتشدّد عليهم في معسكر التدريب، واستفسروه عن سبب تشدّده، يجبهم حينئذ ويقول: إنكم لم تشهدوا جبهة الحرب الواقعية، وإلا لعرفتم أنكم سوف تحتاجون كل هذه الأعمال في ساحة القتال. وبعد ذلك إن ذهب هؤلاء الشباب إلى ساحة القتال سيقولون: يا ليتنا تدربنا أكثر من هذا على تلك الحركات وتعاملنا معها بمزيد من الجدّ.
إن حياتنا كلها هي دورة تمرين في معسكر، وهذا المعسكر ليس بمحل راحة ودعة، بل غايته هي أن نتهيأ ونتمهد للحياة الأفضل في عالم الآخرة. إذ أن أصل الحياة هناك. إنّ جميع أعمالنا وسلوكنا ولا سيما تلك الأعمال المداوم عليها التي تكوّن أسلوب حياتنا لها تأثير في تحسين حال حياتنا الأخروية ولهذا تمّ هذا التأكيد عليها في معارفنا الدينية.

يتبع إن شاء الله...

11-11-2013 04:30 مساءً
icon العلاقة الوثيقة بين الجسم والروح 3 | الكاتب :حنفاء |المنتدى: ♠الْمَواضِيْع العْامٍـه ♠
 
فقد كان النبي محمد (ص) يسمع أنين الزهراء في أزقة المدينة. فكم صعب على الأب هذا الامر خصوصا لو كان مثل رسول الله وبعطفه وحنانه. يروى أن الناس كانوا يصطفون خلف رسول الله للصلاة، وقد كان من عادة الناس آنذاك أن يوسعوا المجال للوارد ليصلي معهم إن أمكن ذلك. لكنهم كانوا أنفسهم يرصّون أكتافهم عند دخول الامام علي (ع) وأمام مرأى من رسول الله (ص) لكي لا يسمحوا له بالصلاة بينهم. فكان يقول لهم: تفعلون هذا أمامي، فماذا ستفعلون بعدي؟
نحن دائما نقول: كلما ازداد إيمان الشخص ازداد بلاؤه. فعلى هذا لايوجد في الكون أكثر مظلومية من النبي (ص) حتى الإمام علي (ع) والإمام الحسين (ع). نعم قد كانت مظلوميته بحيث لايمكن الإفصاح عنها حفظا للحرمات. كلما كانت هذه الآلام خفية أكثر كانت أكثر إيلاما وثقلا. كانت خطبة الغدير مليئة بالشكوى، كالخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين (ع).


الجميع، سمع صوت الاسطوانة الحنّانة


النبي الاكرم (ص) كان أكثر مظلومية من غيره وفي نفس الوقت كان عزيزا عند الآخرين أكثر من غيره. فقد احبّه وشغف به كل من استطاع ان يُزيح بعض الحجب عن قلبه وعندئذ يمكنه تصور مصيبة وفاته وفقده (ص). أضرب لكم مثلا عن قصة الأسطوانة الحنّانة. كان النبي (ص) عندما يخطب في الناس في المدينة يتكئ على اسطوانة وبقي على هذا الحال برهة من الزمن حتى ارتأى الأصحاب أن يضعوا له كرسيّا أو منبرا من الخشب ليجلس عليه حتى لا يلتجأ إلى الوقوف أثناء الخطبة. وفي اليوم الذي اراد فيه رسول الله (ص) أن يجلس على هذا المنبر وعندما مرّ على الأسطوانة أنّت وحنّت. والعجيب أن الجميع سمع صوت أنينها وحنينها على رغم أنهم لم يكونوا يتمتعوا بالعين والاذن البرزخيتين اللتين يبصر بهما الانسان ويسمع مالا يبصره ويسمعه الإنسان العادي، فقالو: هل إن الأسطوانة تبكي؟ فقال النبي (ص): أجل، تبكي لأني منذ اليوم فصاعدا لم أعد اتكئ عليها.
حنين الاسطوانة، يلفتنا الى أنّ محبة النبي لها آثار عظيمة حتى على الخشب والصخر. فكيف بقلوبنا التي هي أرق من الصخر والخشب بكثير. حسبنا أن تُرفع بعض الحجب من على قلوبنا وسنرى ما تفعل محبة النبي (ص) بنا وما لها من أثر. بيد أن النبي (ص) وبقلبه الرقيق عندما سمع صوت أنين الأسطوانة وحنينها، قال: ايها المؤمنون لكم في الجنة ملائكة يبنون لكم منازلكم فيها. وهؤلاء مع البيوت يبكون الآن تحرقا وشوقا لكم حتى تلحقوا بهم، وبكاؤهم على فراقكم أكثر وأشد بكثير من بكاء هذه الأسطوانة على فراقي.


لم يبق مع النبي إلا فرد واحد وهو هادي البشريه ومصلحها


قال الإمام الحسين (ع) ليلة العاشر من محرم لأصحابه:"... ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حلّ ليس عليكم مني ذمام وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فإنهم لا يريدون غيري ..." وهذا الكلام كان موجّها للجميع حتى للعباس وإخوته. لكنهم ثبتوا ولم يتركوا مكانهم وبقوا ليصنعوا هذه الملحمة التاريخية العظيمة. في المقابل تأتينا أنباء عن بعض من يعتبر نفسه مثقفا ويعدّ نفسه في عداد علماء الدين فقد كتب في إحدى الصحف:"بأن النبي قد كذب عندما نسب القرآن لله . وإلا فهو كلامه ونسبه لله تعالى." وقد قال في مكان آخر: عندما جعل الإمام الحسين (ع) أصحابه في حلّ من بيعته وقال لهم اذهبوا واحفظوا أرواحكم كان على الجميع أن يذهبوا ويتركوه وحيدا!!!
يا لها من أنانية، قد تصل الأنانية بالإنسان حدّا يعمى معها حتى عن رؤية جمال فداء أنصار الإمام الحسين (ع). هؤلاء ثبتوا وجاهدوا في ركاب أبي عبد الله (ع) وصنعوا هذه الأسطورة الرائعة التي خلّدتهم إلى الأبد.
لقد حدث نفس هذا الأمر لرسول الله (ص). فقد فرّ كل أنصاره في غزوة أحد حتى أدى به الامر إلى أن يلجأ إلى صدع ولم يبق معه إلا شخصين لا غير، أحدهم علي بن ابي طالب (ع) وشخص آخر هنا قال النبي لهذا الشخص إذهب لو أردت الذهاب واحفظ حياتك فأجال هذا الصحابي الجليل بصره بين غربة النبي (ص) وشجاعة علي (ع) ثم صمّم على البقاء مدافعا عن رسول الله (ص). لقد ساهم رسول الله (ص) في بناء البشرية لكنّه لم يبق معه إلا شخص واحد.


لا تبك أمام الأعداء


الأيام الاخيرة من صفر مقارنه لدخول زينب الكبرى -س- إلى المدينة. عندما دخل السبايا ضج اهل المدينة بالبكاء والعويل لكنهم بدل المواساة قالوا لزينب:" كل هذا كان بسبب الإمام الحسين (ع). فهو الذي جرّ كلّ هذا البلاء علينا." فهل تنتظرون من السيدة الزينب أن تبكي براحة بعد هذا. فلم يسمع أحد صوت بكاء الحوراء زينب، لأن الحسين قال لها "لا تبك أمام الأعداء" فقد حرمت الحوراء زينب من البكاء حتى في المدينة. كان الحسين (ع) يمثّل كل وجود زينب فكيف يمكنها تحمل سماع الكلام السيء عنه. لذلك فهي لم تبكِ ولم تطق الحياة بعده إلا سنة واحدة وفارقت الحياة قيل أنها كانت كالمدهوشة تجلس في مكان واحد شاخصة ببصرها لمكان معين، لا تبكي ولا تكلم أحدا إلى أن ماتت كمدا.

الصفحة 1 من 2 < 1 2 > الأخيرة





الساعة الآن 11:22 AM